المعارض وينتفي ما ادعاه من التمسك بمقتضى الأصل فإنه يجب الخروج عنه بالدليل، وقد دل على نجاسة الميتة الشامل ذلك للأنفحة وغيرها خرج من ذلك ما دلت عليه الأخبار الدالة على طهارتها من حيث الحل كما ذكره وبقي ما كان من غير المحلل على النجاسة، على أن ما ذكره من كون أكثر الأخبار الدالة على طهارتها واردة بالحل أو مسوقة لبيانه محل نظر. فإن ظاهر سياقها إنما هو بالنسبة إلى الطهارة والنجاسة لا الحل والحرمة كما ادعاه، والذي قدمناه من الروايات المشتملة على الإنفحة صحيحة زرارة وفيها نفي البأس إلا أن موردها الجدي الذي هو مأكول اللحم، ورواية يونس وهي مطلقة بالنسبة إلى الحيوان المأكول وغيره وذكر الإنفحة فيها في سياق الصوف والشعر والوبر والحكم فيها بأنها ذكية أظهر ظاهر في أن المراد إنما هو الطهارة لا الحل فإن ما ذكره معها من الصوف وما بعده ليس من المأكولات، ونحوها موثقة الحسين بن زرارة حيث ذكر فيها أنها ذكيه أي طاهرة، سيما بإضافة الزيادة المنقولة من الكافي عن علي بن عقبة وعلي بن رباط بإضافة الشعر والصوف، ومرسلة الصدوق في الفقيه المسندة في الخصال المشتملة على عد العشرة كملا بالحكم بكونها من الميتة ذكية فإنه ظاهر في الطهارة لا في الحل، وكذلك رواية الجرجاني، فأين أكثر الأخبار الواردة بالحل أو المسوقة لبيانه؟ نعم ذكر الحل وقع في حديث الثمالي إلا أن ظاهر سياقه أن الكلام في الحل والحرمة إنما وقع تفريعا على الطهارة والنجاسة، حيث إنه (عليه السلام) لما نفى البأس عن الجبن وأحل أكله عارضه السائل بأنه تجعل فيه الإنفحة وهي نجسة لأخذها من الميتة فأجاب (عليه السلام) بأن الإنفحة طاهرة لأنها ليست مما تحله الحياة بالتقريب الذي قدمنا ذكره في الموضع الأول ثم نظر له بالبيضة المأخوذة من الميتة، فذكر الحل في الخبر إنما وقع بطريق العرض وإلا فأصل الكلام إنما هو في الطهارة والنجاسة، ومثلها تتمة حديث يونس بالتقريب المذكور، على أن لفظ الحل في الأخبار ربما استعمل في حل الاستعمال وهو شائع سيما في هذا المقام في كلام الفقهاء فإنهم يعبرون في هذا المقام عن
(٨٥)