وفيه أيضا أن علي بن مهزيار في جلالة شأنه لا ينسب مثل هذه العبارة إلى غير الإمام (عليه السلام) بل ولا يعتمد على غيره في شئ من الأحكام كما صرحوا به (رضوان الله عليهم) في أمثال هذا المقام.
وصار جماعة من فضلاء متأخري المتأخرين لما رأوا ما في جمع الشيخ من الاختلال إلى الجمع بين الأخبار بحمل أخبار الإعادة على الاستحباب والظاهر أنهم قد اقتفوا في ذلك المحقق (قدس سره) في المعتبر حيث اختار القول بعدم وجوب الإعادة فجعلوا التأويل في جانب أخبار الإعادة بحملها على الاستحباب، قال في المدارك بعد كلام في المسألة: والأظهر عدم وجوب الإعادة لصحة مستنده ومطابقته لمقتضى الأصل والعمومات وحمل ما تضمن الأمر بالإعادة على الاستحباب. انتهى.
وفيه (أولا) ما قدمنا ذكره في غير موضع من أنه لا مستند لهذا الجمع وإن تكرر منهم في جميع أبواب الفقه بل ظواهر القواعد الأصولية المبتنى عليها عندهم تقتضي رده فإن ظواهر الأخبار الوجوب بلا خلاف والحمل على الاستحباب مجاز لا يصار إليه إلا مع القرينة واختلاف الأخبار ليس من قرائن المجاز، ولأن الاستحباب حكم شرعي يحتاج ثبوته إلى الدليل الواضح ومجرد اختلاف الأخبار لا يوجب ذلك.
و (ثانيا) أن الأمر بالإعادة قد ورد في أخبار متعددة ونجاسات متفرقة ومقامات متباينة وفيها الصحيح والحسن والموثق وغيرها كما تقدم لك ذكره وما استند إليه رواية واحدة وإن صح سندها، ومن القواعد المقررة في كلام أهل العصمة (عليهم السلام) الترجيح بالشهرة يعني في الرواية سيما مع اعتضادها بالشهرة في الفتوى فكيف يصح الحكم بترجيح تلك الرواية على هذه الأخبار والحال كما عرفت؟ ولا يخفى أن ترجيحها على هذه الأخبار والحال أن فيها الصحيح باصطلاحه خلاف قاعدته التي بنى عليها في أكثر المواضع من شرحه، واعتضاد تلك الرواية بالعمومات ومطابقة مقتضى الأصل غير مجد هنا فإن الأصل يجب الخروج عنه بمقتضى الدليل والعمومات يجب تخصيصها،