الأخبار وأسانيدها ترجيح ما ذكره غيره من المحدثين ولا ريب أن هذا من جملة ذلك.
ثم إنه قد دل صدر الخبر المذكور على أنه إذا رأى الدم في ثوبه وهو في الصلاة فإن كان عليه ثوب غيره طرح الثوب النجس وأتم صلاته وهو مما لا خلاف فيه بين الأصحاب إلا أنهم خيروا فيما إذا لم يكن عليه إلا ذلك الثوب النجس بين إزالة النجاسة والقاء الثوب النجس والستر بغيره إن أمكن، وظاهر الخبر أن الحكم في المسألة ما ذكرنا وإن علم سبق النجاسة ببعض القرائن المفيدة لذلك، وبذلك صرح الأصحاب أيضا كما تقدم، وإن لم يكن عليه ثوب غيره ولم يمكنه إزالة النجاسة كما ذكره الأصحاب ودلت عليه صحيحة زرارة ولا الاستبدال مضى في صلاته بذلك الدم الذي في الثوب إذا كان الدم مما يعفى عنه بأن لم يزد على مقدار الدرهم ومفهومه أنه إذا لم يكن مما يعفى عنه فإنه يقطع صلاته ويعيدها من رأس، وبالجملة فظاهر الخبر هو أنه بعد الرؤية إن أمكن إزالة النجاسة بأي الوجوه المتقدمة وإلا قطع الصلاة واطلاقه يقتضي عموم ذلك لما لو علم بالتقدم أو لم يعلم، وهو موافق لما أفتى به الأصحاب (رضوان الله عليهم) في هذه الصورة والصورة الثانية فتكون الرواية دليلا لكل منهما. وأما قوله: " وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله " فقد تقدم حكمه في المقام الثالث وأما قوله: " إن رأيت المني قبل أو بعد.. إلى آخر الخبر " فالظاهر أن معناه إن رأيت المني قبل الدخول في الصلاة ثم صليت فيه عامدا أو ناسيا فعليك الإعادة، وهذا مما لا اشكال فيه كما تقدم ذكره في المقام الأول والثالث. بقي الكلام في رؤيته بعد الدخول وهو (عليه السلام) قد رتب عليه أيضا وجوب الإعادة كما إذا رآه قبل ويجب تقييده بحصول العلم بتقدمه بل هو الظاهر من المني لأنه ليس من قبيل سائر النجاسات التي يحتمل وقوعها عليه في أثناء الصلاة فلا يحتاج حينئذ إلى التقييد المذكور، ثم فصل (عليه السلام) في الرؤية البعدية بعد حكمه بالإعادة بأنه إن نظر فلم يصبه فلا إعادة عليه، وهذا التفصيل نظير ما تقدم في صحيحة زرارة المتقدمة وهو مؤيد لما حققناه في المقام الثاني