الله تعالى وبطلان ما ناقضها وبه يضمحل هذا الأصل من البين.
الثاني رواية أبي الأغر النخاس (1) " سأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال إني أعالج الدواب فربما خرجت بالليل وقد بالت وراثت فتضرب إحداها بيدها أو برجلها فينضح على ثوبي؟ فقال لا بأس به " ورواية المعلي بن خنيس وعبد الله بن أبي يعفور (2) قالا: " كنا في جنازة وقدامنا حمار فبال فجاءت الريح ببوله حتى صكت وجوهنا وثيابنا فدخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرناه فقال ليس عليكم بأس " وقد جمعوا بين هذين الخبرين وما يوردونه من أخبار النجاسة بحمل الأمر بالغسل على الاستحباب، واستندوا في ذلك تبعا للشيخ إلى رواية زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) (3) " في أبوال الدواب تصيب الثوب فكرهه، فقلت أليس لحومها حلالا؟ قال بلى ولكن ليس مما جعله الله للأكل " قال الشيخ في التهذيب والاستبصار بعد نقل جملة من الأخبار الدالة على النجاسة: هذه الأخبار كلها محمولة على ضرب من الكراهة والذي يدل على ذلك ما أوردناه من أن ما يؤكل لحمه لا بأس ببوله وروثه، وإذا كانت هذه الأشياء غير محرمة اللحوم لم يكن أبوالها وأرواثها محرما. قال ويدل على ذلك أيضا ما رواه أحمد بن محمد، ثم ساق رواية زرارة المذكورة، ثم قال: فجاء هذا الخبر مفسرا لهذه الأخبار ومصرحا بكراهية ما تضمنته ويجوز أن يكون الوجه في هذه الأحاديث أيضا التقية لأنها موافقة لمذهب بعض العامة. انتهى.
والجواب عن ذلك (أولا) بما ذكرناه في غير موضع مما تقدم من أنه لا دليل على هذه القاعدة التي عكفوا عليها ولا مستند لها وإن استندوا في غير باب إليها؟ فإن حمل هذه الأوامر الواردة في الأخبار التي هي حقيقة في الوجوب على الاستحباب مجاز لا يصار إليه إلا مع القرينة واختلاف الأخبار ليس من قرائن المجاز، وأيضا فالاستحباب حكم شرعي كالوجوب والتحريم يحتاج إلى دليل واضح.