أليس لحومها حلالا وكل ما كان كذلك فبوله وروثه طاهر؟ فقال له بلى ولكن ليس المراد بمأكول اللحم الذي حكم الشارع بطهارة ما يخرج منه ما كان حلالا بل إنما هو ما خلق لأجل الأكل وهذه الدواب الثلاث إنما خلقت لشئ آخر كما أوضحه (عليه السلام) في رواية العياشي. ومن هذا القبيل أيضا ما في صحيحة عبد الرحمان بن أبي عبد الله البصري من قوله (عليه السلام): (1) " يغسل بول الحمار والفرس والبغل وأما الشاة وكل ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله " فإنه لا مجال لحمل ما يؤكل لحمه في الرواية على ما يحل أكله بقوله مطلق وإلا لزم منه عدم جواز أكل لحوم تلك الدواب الثلاث لأنها وقعت في مقابلة ما يؤكل لحمه بل لا بد من حمله على ما خلق للأكل، ومثلها روايته الأخرى (2) حيث قال فيها: " يغسل بول الحمار والفرس والبغل وينضح بول البعير والشاة وكل شئ يؤكل لحمه فلا بأس ببوله " أما بعطف " كل شئ " على " الشاة " ويجعل قوله:
" فلا بأس به " مستأنفا وفيه تعليل لذلك، ويصير حاصل المعنى حينئذ أنه ينضح بول البعير والشاة وبول كل شئ يؤكل لحمه أي ما خلق لأجل الأكل كهذه المعدودات ولا يجب غسله فإنه لا بأس به، وأما بجعل قوله: " وكل شئ " مبتدأ وخبره " لا بأس به " والجملة في مقام التعليل، وحاصله أنه ينضح بول هذا الحيوانات ولا يجب غسله فإن كل شئ يؤكل لحمه فإنه لا بأس ببوله، وكيف كان فإنه لا يصح حمل قوله:
" يؤكل لحمه " على ما يحل أكل لحمه بحيث يدخل فيه تلك الدواب الثلاث، والأمر بالنضح قد ورد في أمثال ذلك في كثير من الأخبار مثل المذي وعرق الجنب وملاقاة الكلب الثوب يابسا وأمثال ذلك مما هو معلوم الطهارة يقينا.
(الرابع) الاجماع المركب وهو أن كل من قال بنجاسة الأبوال قال بنجاسة الأرواث ومن قال بطهارة الأبوال قال بطهارة الأرواث فالقول بالنجاسة في الأبوال مع طهارة الأرواث خرق للاجماع المركب. وهذا الدليل وإن لم يصرحوا به في كلامهم ويعدوه دليلا