المذكورين والثلاثة المتقدمين، أو حمل أخبار الطهارة على التقية وبه يتم المطلوب.
فأما ما يدل على بطلان الحمل على الاستحباب فوجوه: (الأول) أنه وإن اشتهر ذلك بينهم في جميع أبواب الفقه إلا أنه لا مستند له من سنة ولا كتاب، وقد استفاضت الأخبار عنهم (عليهم السلام) بوجوه الجمع بين الأخبار والترجيح في مقام اختلاف الأخبار، ولو كان لهذا الحمل والجمع بين الأخبار أصل في الشريعة لما أهملوه (عليهم السلام) سيما أنهم (رضوان الله عليهم) قد اتخذوه قاعدة كلية في مقام اختلاف الأخبار في جميع أبواب الفقه وأحكامه.
(الثاني) أن الحمل على الاستحباب مجاز باعترافهم والمجاز لا يصار إليه إلا بالقرينة الصارفة عن الحقيقة واختلاف الأخبار ليس من قرائن المجاز. وأما قوله في الذخيرة: " إن حمل الأوامر والنواهي في أخبارنا على الاستحباب والكراهة شائع ذائع كأنه الحقيقة " ففيه أنه إن كان ذلك مع وجود القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقي فلا بحث فيه وإلا فهو أول المسألة ومحل منع.
(الثالث) أن الاستحباب حكم شرعي كالوجوب والتحريم فيتوقف الحكم به على دليل واضح وإلا كان قولا على الله تعالى من غير علم، وقد استفاضت الآيات القرآنية والسنة النبوية بالنهي عنه، واختلاف الأخبار ليس من الأدلة التي توجب الحكم بالاستحباب.
(الرابع) أن صحيحة علي بن مهزيار ورواية خيران الخادم قد دلتا على وقوع هذا الخلاف بين أصحاب الأئمة (عليهم السلام) في وقتهم وأنهم رجعوا في ذلك إلى إمام ذلك العصر وسألوه عن الأخذ بأي القولين فأمرهم بالعمل بأخبار النجاسة ولو كانت الأخبار الواردة عنهم (عليهم السلام) بالنجاسة إنما هي بمعنى استحباب الإزالة وليس المراد منها النجاسة كما زعمه هؤلاء الأفاضل وأنه طاهر والصلاة فيه صحيحة وإن كان على كراهة، لما خفي على أصحاب الأئمة (عليهم السلام) يومئذ حتى أنهم يسألون