إمض إلى منزلك لعل مرارا هاج بك. حتى فعل ذلك ثلاثا بعد مرته الأولى. فلما كان في الرابعة قال له: يا هذا، إن رسول الله حكم في مثلك بثلاثة أحكام، فاختر أيهن شئت. قال: وما هن يا أمير المؤمنين؟
قال: ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت، أو دهداه من جبل مشدود اليدين والرجلين، أو إحراق بالنار. فقال: يا أمير المؤمنين أيهن أشد علي؟ قال: الإحراق بالنار. قال: فإني قد اخترتها يا أمير المؤمنين. قال: فخذ لذلك أهبتك. فقال: نعم، فقام وصلى ركعتين ثم جلس في تشهده.
فقال: اللهم إني قد اتيت من الذنب ما قد علمته وإني تخوفت من ذلك، فجئت إلى وصي رسولك وابن عم نبيك فسألته أن يطهرني، فخيرني بين ثلاثة أصناف من العذاب اللهم فإني قد اخترت أشدها. اللهم فإني أسألك أن تجعل ذلك كفارة لذنوبي وأن لا تحرقني بنارك في آخرتي. ثم قام وهو باك، ثم جلس في الحفرة التي حفرها له أمير المؤمنين، وهو يرى النار تتأجج حوله.
قال: فبكى أمير المؤمنين (عليه السلام) وبكى أصحابه جميعا. فقال له أمير المؤمنين: قم يا هذا، فقد أبكيت ملائكة السماء وملائكة الأرض، فإن الله قد تاب عليك، فقم لا تعاودن شيئا مما فعلت (1).
أقول: ويشبه ذلك قصة صفوان الأكحل التي ذكرناها في محل في رجالنا.
خبر الغلام الذي قتل مولاه، لأنه لاط به وغلبه على نفسه، فأمر أمير المؤمنين (عليه السلام) بحبس الغلام إلى ثلاثة أيام. فبعد الثلاثة نبشوا قبر المقتول فلم يجدوه في أكفانه. فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من يعمل من أمتي عمل قوم لوط، ثم يموت على ذلك، فهو مؤجل إلى أن يوضع في لحده، فإذا وضع فيه لم يمكث أكثر من ثلاث حتى تقذفه الأرض إلى جملة قوم لوط المهلكين فيحشر معهم (2).