يكون نافعا لهم لو قال تعالى: إن كان مثلهن تحيض في الآيسات، وفي اللاتي لم يبلغن المحيض إذا كان مثلهن تحيض، وإذا لم يقل تعالى ذلك وقال تعالى: (إن ارتبتم) وهو غير الشرط الذي شرطه أصحابنا فلا منفعة لهم به، ولا يخلو قوله:
(إن ارتبتم) من أن يراد به ما قاله جمهور المفسرين وأهل العلم بالتأويل: من أنه تعالى أراد به إن كنتم مرتابين في عدة هؤلاء النساء، وغير عالمين بمبلغها. وقد رووا ما يقوي ذلك من أن سبب نزول هذه الآية ما ذكرناه من فقد العلم، روى مطرف، عن عمرو بن سالم قال: قال أبي بن كعب: يا رسول الله إن عددا من عدد النساء لم يذكر في الكتاب: الصغار والكبار وأولات الأحمال، فأنزل الله تعالى: (واللائي يئسن - إلى قوله: - وأولات الحمال أجلهن أن يضعن حملهن) وكان سبب نزول هذه الآية الارتياب الذي ذكرناه، ولا يجوز أن يكون الارتياب بأنها آيسة أو غير آيسة، لأنه تعالى قد قطع في الآية على اليأس من المحيض بقوله سبحانه: (واللائي يئسن من المحيض) والمشكوك في حالها والمرتاب في أنها تحيض أو لا تحيض لا تكون آيسة، والمرجع في وقوع الحيض منها أو ارتفاعه إليها وهي المصدقة على ما تخبر به فيه، ومعرفة الرجال به مبنية على إخبار النساء: فإذا أخبرت بأن حيضها قد ارتفع قطع عليه، ولا معنى للارتياب مع ذلك إذا (1) كان الحيض المرجع فيه إلى النساء، ومعرفة الرجال به مبنية على إخبار النساء، وكانت الريبة المذكورة في الآية منصرفة إلى اليأس من الحيض، فكان يجب أن يقول تعالى: إن ارتبتن (2)، لأنه حكم يرجع إلى النساء ويتعلق بهن، فهن المخاطبات به، فلما قال تعالى: (إن ارتبتم) فخاطب به الرجال دون النساء علم أن المراد هو الارتياب في العدة ومبلغها.
ثم اعترض بإمكان أن يكون الارتياب هاهنا إنما هو ممن (3) تحيض أو لا .