إذا عرفت هذا، فاعلم: أن المناسب لإطلاق كلامهم لضمان المثل في المثلي هو أنه مع تعذر المثل لا يسقط المثل عن الذمة، غاية الأمر يجب إسقاطه مع مطالبة المالك، فالعبرة بما هو إسقاط حين الفعل، فلا عبرة بالقيمة إلا يوم الإسقاط وتفريغ الذمة.
وأما بناء على ما ذكرنا (1) - من أن المتبادر من أدلة الضمان التغريم بالأقرب إلى التالف فالأقرب - كان المثل مقدما مع تيسره، ومع تعذره ابتداء كما في القيمي، أو بعد التمكن كما فيما نحن فيه، كان المتعين هو القيمة، فالقيمة قيمة للمغصوب من حين (2) صار قيميا، وهو حال الإعواز، فحال الإعواز معتبر من حيث أنه أول أزمنة صيرورة التالف قيميا، لا من حيث ملاحظة القيمة قيمة للمثل دون العين، فعلى القول باعتبار يوم التلف في القيمي توجه ما اختاره الحلي رحمه الله (3).
ولو قلنا بضمان القيمي بأعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلف - كما عليه جماعة من القدماء (4) - توجه ضمانه فيما نحن فيه بأعلى القيم من حين الغصب إلى زمان الإعواز، إذ (5) كما أن ارتفاع القيمة مع بقاء العين مضمون بشرط تعذر أدائه (6) المتدارك لارتفاع القيم،