تلمسان وبها من قبائل بنى يعرب ومغراوه سنة ثلاث وسبعين ولقيه أميرها محمد بن حرز ابن حزلان فأعطاه الطاعة وبذل له إدريس الأمان ولسائر زناتة فأمكنه من قياد البلد وبنى مسجدها وأمر بعمل منبره وكتب اسمه فيه حسبما هو مخطوط في صفح المنبر لهذا العهد ورجع إلى مدينة وليلى ثم دس إليه الرشيد مولى من موالي المهدى اسمه سليمان ابن حريز ويعرف بالشماخ أنفذه بكتابه إلى ابن الأغلب فأجازه ولحق بإدريس مظهرا النزوع إليه فيمن نزع من وحران المغرب متبرئا من الدعوة العباسية ومنتحلا للطلب واختصه الامام إدريس وحلا بعينه وكان قد تأبط سما في سنون فناوله إياه عند شكايته من وجع أسنانه فكان فيه كما زعموا حتفه ودفن بو ليلى سنة خمس وسبعين وفر الشماخ ولحقه فيما زعموا راشد بوادي ملوية فاختلفا ضربتين قطع فيها راشد يد الشماخ وأجاز الوادي فأعجزه واعتلق بالبرابر من أوربا وغيرهم فجمل من دعوته في ابنه إدريس الأصغر من جاريته كنزه بايعوه حملا ثم رضيعا ثم فصيلا إلى أن شب واستتم فبايعوه بجامع وليلى سنة ثمان وثمانين ابن احدى عشرة سنة وكان ابن الأغلب دس إليهم الأموال واستمالهم حتى قتلوا راشدا مولاه سنة ست وثمانين وقام بكفالة إدريس من بعده أبو خالد بن يزيد بن الياس العبدي ولم يزل كذلك إلى أن بايعوا لإدريس فقاموا بأمره وجردوا لأنفسهم رسوم الملك بتجديد طاعته وافتتحوا بلاد المغرب كلها واستوثق لهم الملك بها واستوزر إدريس مصعب بن عيسى الأزدي المسمى بالملجوم من ضربة في بعض حروبهم وسمته على الخرطوم وكأنها خطام ونزع إليه كثير من قبائل العرب والأندلس حتى اجتمع إليه منهم زهاء خمسمائة فاختصهم دون البربر وكانوا له بطانة وحاشية واستفحل بهم سلطانة ثم قتل كبير أورية إسحاق بن محمود سنة ثنتين وتسعين لما أحس منه بموالاة إبراهيم بن الأغلب وكثرت غاشية الدولة وأنصارها وضاقت وليلى بهم فاعتام موضعا لبناء مدينة لهم وكانت فاس موضعا لبنى بوغش وبنى الخير من وزاغة وكان في بني بوغش مجوس ويهود ونصارى وكان موضع شيبوبة منها بيت نار لمجوسهم وأسلموا كلهم على يده وكانت بينهم فتن فبعث للاصلاح بينهم كاتبه أبا الحسن عبد الملك بن مالك الخزرجي ثم جاء إلى فاس وضرب أبنيته بكزواوه وشرع في بنائها فاختط عدوة الأندلس سنة ثنتين وتسعين وفى سنة ثلاث بعدها اختط عدوة القرويين وبنى مساكنه وانتقل إليها وأسس جامع الشرفاء وكانت عدوة القرويين من لدن باب السلسلة إلى غدير الجوزاء والجرف واستقام له أمر الخلافة وأمر القائمين بدعوته وأمر العزو الملك ثم خرج غازيا المصامدة سنة سبع وتسعين فافتتح بلادهم ودانوا بدعوته ثم غزا تلمسان وجدد بناء مسجدها واصلاح منبرها وأقام بها ثلاث سنين وانتظمت كلمة البرابرة وزناتة
(١٣)