فما زال الله يختار لي حتى اختار لي في معنى النار فولدني أرفع الناس درجة في الجنة وأهون أهل النار عذابا يوم القيامة فأنا ابن خير الأخيار وابن خير الأشرار وابن خير أهل الجنة وابن خير أهل النار ولك عهد الله ان دخلت في بيعتي أن أؤمنك على نفسك وولدك وكل ما أصبته الا حدا من حدود الله أو حقا لمسلم أو معاهد فقد علمت ما يلزمك في ذلك فأنا أوفي بالعهد منك وأحرى بقبول الأمان منك فاما أمانك الذي عرضت على فهو أي الأمانات هي أأمان ابن هبيرة أم أمان عمك عبد الله بن علي أم أمان أبى مسلم والسلام (فأجابه المنصور) بعد البسملة من عبد الله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله فقد أتاني كتابك وبلغني كلامك فإذا جل فحرك بالنساء لتضل به الحفاة والغوغاء ولم يجعل الله النساء كالعمومة ولا الآباء كالعصبة والأولياء وقد جعل الله العم أبا وبدأ به على الولد فقال جل ثناؤه عن نبيه عليه السلام واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب ولقد علمت أن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم وعمومته أربعة فأجابه اثنان أحدهما أبى وكفر به اثنان أحدهما أبوك وأما ما ذكرت من النساء وقراباتهن فلو أعطى على قرب الأنساب وحق الأحساب لكان الخير كله لآمنة بنت وهب ولكن الله يختار لدينه من يشاء من خلقه وأما ما ذكرت من فاطمة أم أبى طالب فان الله لم يهدأ حدا من ولدها إلى الاسلام ولو فعل لكان عبد الله بن عبد المطلب أولاهم بكل خير في الآخرة والأولى وأسعدهم بدخول الجنة غدا ولكن الله أبى ذلك فقال إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء وأما ما ذكرت من فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب وفاطمة أم الحسين وأن هاشما ولدا عليا مرتين وأن عبد المطلب ولدا الحسن مرتين فخير الأولين رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يلده هاشم الامرة واحدة ولم يلده عبد المطلب الامرة واحدة وأما ما ما ذكرت من أنك ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فان الله عز وجل قد أبى ذلك فقال ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ولكنكم قرابة ابنته وانها لقرابة قريبة غير أنها امرأة لا تحوز الميراث ولا يجوز أن تؤم فكيف تورث الإمامة من قبلها ولقد طلب بها أبوك من كل وجه وأخرجها تخاصم ومرضها سرا ودفنها ليلا وأبى الناس الا تقديم الشيخين ولقد حضر أبوك وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بالصلاة غيره ثم أخذ الناس رجلا رجلا فلم يأخذوا إياك فيهم ثم كان في أصحاب الشورى فكل دفعه عنها بايع عبد الرحمن عثمان وقبلها عثمان وحارب أباك طلحة والزبير ودعا سعدا إلى بيعته فأغلق بابه دونه ثم بايع معاوية بعده وأفضى أمر جدك إلى أبيك الحسن فسلمه إلى معاوية بخزف ودراهم وأسلم في يديه
(٥)