ثم توفى أبو الحسن بن مزيد سنة ثمان وقام بالأمر مكانه ابنه نور الدولة أبو الأغر دبيس وقد كان أبوه عهد لأخيه في حياته وخلع عليه سلطان الدولة وأذن في ولايته فلما ولى بعد أبيه نزع أخوه المقلد إلى بنى عقيل فأقام بينهم وكانت بسبب ذلك بين دبيس وقراوش أميري بنى عقيل فتن وحروب وجمع دبيس عليه بنى خفاجة وملك الأنبار من يده سنة سبع عشرة ثم انتقض خفاجة على دبيس وأميرهم منيع بن حسان وسار إلى الجامعين فنهبها وملك الكوفة وصار أمر دبيس وقراوش إلى الوفاق واستوى الامر على ذلك ومنعت خفاجة بنى عقيل من سقى الفرات * (استيلاء منصور بن الحسين على الجزيرة الدبيسية) * كانت الجزيرة الدبيسية قد استقرت لطراد بن دبيس وكان منصور بن الحسين بن شعوب بنى أسد تغلب عليها وأخرج طراد بن دبيس عنها سنة ثمان عشرة ثم مات طراد فسار ابنه أبو الحسن إلى جلال الدولة ببغداد وكان منصور بن الحسين قد خطب للملك أبى كليجار وقطع الخطبة لجلال الدولة فسأل منه علي بن طراد أن يبعث معه عسكرا ليخرج منصورا من الجزيرة فأنفذ معه العسكر وسار إلى واسط ثم أغذ السير وكان منصور جمع للقائه وأعانه بعض امراء الترك وهو أبو صالح كركبر وكان قد هرب من جلال الدولة إلى أبي كليجار فأعان منصورا على شأنه ولقوا علي بن طراد فهزموه وقتلوه وجماعة من الترك الذين بعثهم جلال الدولة لنصرته واستقر ملك الجزيرة الدبيسية لمنصور بن الحسين * (فتنة دبيس مع جلال الدولة وحروبه مع قومه) * كان المقلد أخو دبيس بن مزيد قد لحق ببني عقيل كما ذكرناه وكانت بينه وبين نور الدولة دبيس عداوة فسار إلى منيع بن حسان أمير خفاجة واجتمعا على قتال دبيس على خلافة جلال الدين وخطب لابي كليجار واستقدمه للعراق فجاء إلى واسط وبها ابن جلال الدولة ففارقها وقصد النعمانية ففجر عليه البثوق من بلده وأرسل أبو كليجار إلى قراوش صاحب الموصل والأثير عنبر الخادم ان ينحدروا إلى العراق فانحدروا إلى الكحيل ومات بها الأثير عنبر وجمع جلال الدولة عساكره واستنجد أبا الشوك صاحب بلاد الأكراد فأنجده وانحدر إلى واسط وأقام بها وتتابعت الأمطار والأوحال فسار جلال الدولة إلى الأهواز بلد أبى كليجار لينهبها وبعث أبو كليجار إليه بأن عساكر محمود بن سبكتكين قد قصدت العراق ليرده عن الأهواز فلم يلتفت إلى ذلك وسار ونهب الأهواز وبلغ الخبر إلى أبي كليجار فسار إلى مدافعته وتخلف عنه دبيس خوفا على حلله
(٣٧٧)