كان للهند صنم يسمونه وهو أعظم أصنامهم في حصن حصين على ساحل البحر بحيث تلتقفه أمواجه والصنم مبنى في بيته على ستة وخمسين سارية من الساج المصفح بالرصاص وهو من حجر طوله خمسة أذرع منها ذراعان غائصان في البناء وليس له صورة مشخصة والبيت مظلم يضئ بقناديل الجوهر الفائق وعنده سلسلة ذهب بجرس وزنها مائة من تحرك بأدوار معلومة من الليل فيقوم عباد البرهميين لعبادتهم بصوت الجرس وعنده خزانة فيها عدد كثير من الأصنام ذهبا و فضة عليها ستور معلقة بالجوهر منسوجة بالذهب تزيد قيمتها على عشرين ألف ألف دينار وكانوا يحجون إلى هذا الصنم ليلة خسوف القمر فتجتمع إليه عوالم لا تحصى وتزعم الهنود أن الأرواح بعد المفارقة تجتمع إليه فيبثها فيمن شاء بناء على التناسخ والمد والجذر عندهم هو عبادة البحر وكانوا يقربون إليه كل نفيس وذخائرهم كلها عنده ويعطون سدنته الأموال الجليلة وكان له أوقاف تزيد على عشرة آلاف ضيعة وكان نهرهم المسمى كنك الذي يزعمون أن مصبه في الجنة ويلقون فيه عظام الموتى من كبرائهم وبينه وبين سومنات مائتا فرسخ وكان يحمل من مائه كل يوم لغسل هذا الصنم وكان يقوم عند الصنم من عباد البرهميين ألف رجل في كل يوم للعبادة وثلثمائة لحلق رؤس الزوار ولحاهم وثلثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون ويرقصون ولهم على ذلك الجرايات الوافرة وكان كلما فتح محمود بن سبكتكين من الهند فتحا أو كسر صنما يقول أهل الهند ان سومنات ساخط عليهم ولو كان راضيا عنهم لأهلك محمودا دونه فاعتزم محمود بن سبكتكين إلى غزوه وتكذيب دعاويهم في شأنه فسار من غزنة في شعبان سنة ست عشرة في ثلاثين ألف فارس سوى المتطوعة وقطع القفر إلى الملتان وتزود له من القوت والماء قدر الكفاية وزيادة عشرين ألف حمل وخرج من المفازة إلى حصون مشحونة بالرجال قد غوروا آبارهم مخافة الحصار فقذف الله الرعب في قلوبهم وفتحها وقتل سكانها وكسر أصنامها واستقى منها الماء وسار إلى انهلوارن وأجفل عنها صاحبها بهيم وسار إلى بعض حصونه و ملك السلطان المدينة ومر إلى سومنات ووجد في طريقه حصونا كثيرة فيها أصنام وضعوها كالنقباء والخدمة لسومنات ففتحها وخربها وكسر الأصنام ثم سار في قفر معطش واجتمع من سكانه عشرون ألفا لدفاعه فقاتلهم سراياه وغنموا أموالهم وانتهوا إلى دبلواه على مرحلتين من سومنات فاستولى عليها وقتل رجالها ووصل إلى سومنات منتصف ذي القعدة فوجد أهلها مختفين في أسوارهم وأعلنوا بكلمة الاسلام فوقها فاشتد القتال حتى حجز بينهم الليل ثم أصبحوا إلى القتال وأثخنوا في الهنود وكانوا يدخلون إلى الصنم فيعنفونه ويبكون ويتضرعون إليه ويرجعون إلى القتال ثم انهزموا بعد
(٣٧٤)