ثم بعث إليه السلطان أقضى القضاة أبا سعيد الهروي ليؤمنه ويستنفره لجهاد الفرنج في جملته فامتنع ووصل السلطان إلى بغداد في ربيع من سنة احدى وخمسمائة ومعه وزيره نظام الملك أحمد بن نظام الملك فقدم البرقي شحنة بغداد في جماعة من الأمراء فنزلوا بصر صر مسلحة لقلة عسكر السلطان وانه انما جاء في ألفى فارس للاصلاح والاستئلاف فلما تبين له لجاج صدقة أرسل إلى الأمراء بأصفهان بأن يستجيشوا ويقدموا فكتب صدقة إلى الخليفة بالمقاربة وموافقة السلطان ثم رجع صدقة عن رأيه وقال إذا رجل السلطان عن بغداد مدينة بالأموال والرجال لجهاده واما الآن وعساكره متصلة فلا وفاق عندي وقد أرسل إلى جاولى سكاوو صاحب الموصل وابلغارى بن أرتق صاحب ماردين بالانتقاض على السلطان وأيس السلطان من استقامته ووصل إليه ببغداد قراوش شرف الدولة وكروباوى بن خراسان التركماني وأبو عمران فضل بن ربيعة بن خادم بن الجرج الطائي وكان آباؤه أصحاب البلقاء وبيت المقدس ومنهم حسان بن مفرج وطرده كفرتكين أتابك دمشق لما كان عليه من الاجلاب تارة مع الفرنج وتارة مع أهل مصر فلجا إلى صدقة وقبله وأكرمه وأجزل له العطاء سبعة آلاف دينار فلما كانت هذه الحادثة رغب من صدقة وسار في طلائعه فهرب إلى السلطان فخلع عليه وعلى أصحابه وسوغه دار صدقة عن الهروب وأذن له فعبر من الأنبار وكان آخر العهد به ثم أنفذ السلطان في جمادى الأولى إلى واسط الأمير محمد بن بوقا التركماني فملكها وأخرج منها أصحاب صدقة وأنفذ خيله إلى بلد قوسان من أعمال صدقة فنهبه وأقام أياما حتى بعث صدقة ابن عمه ثابت بن سلطان في عسكر فخرج منها الأمير محمد وملكها ثابت وأقاموا على دجلة وخرج ثابت لقتالهم فهزموه واقتحموا البلد ومنعهم الأمير محمد من النهب ونادى بالأمان وأمر السلطان الأمير محمدا ينهب بلاد صدقة فسار إليها وأقطع مدينة واسط لقسيم الدولة البرسقي ثم سار السلطان من بغداد آخر رجب ولقيه صدقة واشتد القتال وتخاذلت عنه عبادة وخفاجة ورفع صوته بالابتهال بالناشرة بالعرب ورغب الأكراد بالمواعد ثم غشيه الترك فحمل عليهم وهو ينادى أنا ملك العرب أنا صدقة فأصابه سهم أثبته وتعلق به غلام تركي يسمى برغش فجذبه إلى الأرض فقال يا برغش ارفق فقتله وحمل رأسه إلى السلطان فأنفذه إلى بغداد وأمر بدفن شلوه وقتل من أصحابه ثلاثة آلاف أو يزيدون ومن بنى شيبان نحو مائة وأسر ابنه دبيس ونجا ابنه بدران إلى الحلة ومنها إلى البطيحة عند صهره مهذب الدولة وأسر سرجان بن كيخسر والمستجير بصدقة على السلطان وسعيد ابن حميد العمدي صاحب الجيش وكان مقتل صدقة لاحدى وعشرين سنة من امارته
(٢٨٤)