حرمه إلى البطيحة وسار بأمواله عن الحلة وأمر بنهبها ولحق بأبلغارى بن أرتق بماردين ووصل السلطان إلى الحلة فوجدها خاوية على عروشها فرجع عنها وأرسل دبيس أخاه منصورا من قلعة صفد في عسكر إلى العراق فمر بالحلة والكوفة وانحدر إلى البصرة وبعث إلى برتقش الذكوي في صلاح حالهما مع السلطان محمود فقبض على منصور أخي دبيس وولده وحبسهما ببعض القلاع حذاء الكرخ ثم أذن دبيس لجماعة من أصحابه بالمسير إلى أقطاعهم بواسط فمنعهم أتراك واسط فبعث إليهم عسكرا مع مهلهل بن أبي العسكر وأمر مظفر بن أبي الخير فساعده واستمد أهل واسط البرسقي فأمدهم بعسكر وسار مهلهل للقائهم قبل مجئ المظفر فهزم وأخذ أسيرا في جماعة من أصحابه وأصعد المظفر من البطيحة ينهب ويفسد حتى قارب واسط وسمع بالهزيمة فأسرع منحدرا ووقع على كتاب بخط دبيس إلى مهلهل يأمره بالقبض على مظفر بن أبي الخير ومطالبته بالأموال فبعثوا به إلى المظفر وسار معهم وبلغ دبيسا أن السلطان كحل أخاه فلبس السواد ونهب البلاد وأخذ للمسترشد بنهر الملك وأجفل الناس إلى بغداد وسار عسكر واسط إلى النعمانية فأوقعوا بمن هنالك من عساكر دبيس وأجلوهم عنها وكان دبيس قد أسر في واقعة البرسقي عفيفا خادم الخليفة فأطلقه وحمله إلى المسترشد عقابا ووعيدا على كحل أخيه فغضب الخليفة وتقدم إلى البرسقي بالخروج لحرب دبيس وخرج بنفسه في رمضان سنة عشرة وأتاه سليمان بن مهارش من الحديثة في جماعة من بني عقيل وقريش بن مسلم صاحب الموصل في كافة بنى عقيل وأمر المسترشد باستنفار الجند كافة وفرق فيهم الأموال والسلاح وجاء دبيسا ما لم يكن يحتسبه فرجع إلى الاستعطاف وبرز الخليفة آخر ذي الحجة وعبر دجلة وهو في أكمل زيه ومعه وزيره نظام الدين أحمد بن نظام الملك ونقيب الطالبيين ونقيب النقباء علي بن طراد وشيخ الشيوخ صدر الدين إسماعيل وبلغ البرسقي مسير المسترشد فعاد إلى خدمته ونزل معه بالحديثة ثم سار إلى الموصل على سبيل التعبية والبرسقي في المقدمة وعبى دبيس أصحابه صفا واحدا وجعل الرجالة بين يدي الخيالة وقد كان وعد أصحابه بنهب بغداد وسبى حريمها فالتقى الفريقان فانهزم عسكر دبيس وأسر جماعة من أصحابه فقتلوا صبرا وسبيت حرمه ورجع المسترشد إلى بغداد يوم عاشوراء من سنة سبع عشرة ونجا دبيس وعبر الفرات وقصد غزنة من عرب نجد مستنصرا بهم فأبوا عليه فسار إلى المنتقى وحالفهم على أخذ البصرة فدخلوا ونهبوا أهلها وقتل مقدم عسكرها وبعث المسترشد إلى البرسقي بالعتاب على إهمال أمر البصيرة فتجهز البرسقي للانحدار إليها ففارقها دبيس ولحق بقلعة جعبر وصار مع الفرنج وأطمعهم في حلب وسار معهم
(٢٨٧)