" والسارق " (1) وهذا صادق، فمن أسقط القطع عنه فقد أسقط حدا من حدود الله بغير دليل، بل بالقياس والاستحسان، وهذا من تخريجات المخالفين وقياساتهم على المجتاز، وأيضا فلو كنا عاملين بالقياس ما ألزمنا هذا، لأن المجتاز ما هتك حرزا ولا نقب فكيف يقاس الناقب عليه، وأيضا فلا يخلو الداخل من أنه أخرج المال من الحرز أو لم يخرجه، فإن كان أخرجه فيجب عليه القطع، ولا أحد يقول بذلك، فما بقي إلا أنه لم يخرجه من الحرز وأخرجه الخارج من الحرز الهاتك له، فيجب عليه القطع، لأنه نقب وأخرج المال من الحرز، ولا ينبغي أن تعطل الحدود بحسن العبارات وتزويقها وصقلها وتوريقها، وهو قوله: ما أخرجه من كمال الحرز أي شئ هذه المغالطة؟! بل الحق أن يقال: أخرجه من الحرز أو من غير الحرز، ولا عبارة عند التحقيق سوى ذلك، وما لنا حاجة إلى المغالطات بعبارات كمال الحرز " انتهى.
ونوقش بأن الاخراج إنما يتحقق بفعله، لكونه تمام السبب لا السبب التام، وفرق بين الأمرين، ولعله لذا قال في المختلف: " والتحقيق أن نقول: إن المقدور الواحد إن امتنع وقوعه من القادرين فالقطع عليهما معا لأنه لا فرق حينئذ بين أن يقطعا كمال المسافة دفعة وأن يقطعاها معا على التعاقب، فإن الصادر من كل منهما ليس هو الصادر عن الآخر، بل وجد المجموع منهما، وإن سوغناه فالقطع على الخارج، لظهور الفرق حينئذ بين وقوع القطع منهما دفعة أو على التعاقب ".