الثمن للبائع (انتهى).
وزاد في الكفاية قسما آخر وهو أن يكون المتعلق للنهي، التسبب بهذا السبب إلى هذا المسبب، من دون أن يتعلق النهي بنفس السبب أو المسبب. [1] ثم قال: إن النهي عنها بما هو فعل مباشري أو تسبيبي لا يقتضي الفساد، ومثله ما إذا وقع النهي عن التسبب، وأما النهي عن الأثر غير المنفك فيقتضي الفساد (انتهى).
أقول: قد مثلوا لصورة تعلق النهي بنفس السبب بالنهي عن البيع وقت النداء، والظاهر فساد ذلك، فإن معنى حرمة السبب كون نفس الايجاب والقبول بما هما لفظان محرمين، وليس في المثال نفس التلفظ بالايجاب والقبول محرما لعدم اشتماله على المفسدة، وإنما المحرم في وقت النداء هو الاشتغال بالأشغال الدنيوية المانعة عن الصلاة، ومنها الاشتغال بالتجارات التي أهمها البيع، ولا خصوصية لنفس البيع، وإنما ذكر من باب المثال أو الكناية، فالمنهي عنه هو الاعمال المزاحمة للصلاة، والبيع أيضا محرم بهذا العنوان لا بما هو لفظ خاص.
ثم إن هذا النهي ليس نهيا نفسيا ناشئا من مفسدة في متعلقه، بل هو من باب تعلق النهي بضد المأمور به الذي لا ملاك له سوى نفس مصلحة المأمور به، وقد عرفت في مبحث الضد أن الامر بالشئ و النهي عن ضده ليسا بتكليفين مستقلين واجدين لملاكين، بل الامر و النهي متحدان بحسب الحقيقة، ففيما نحن فيه النهي عن البيع وقت النداء تأكيد للامر بصلاة الجمعة، فإن النهي عنه إنما هو من جهة كونه ضدا لها فلا نهي حقيقي في البين، فتدبر.
التذنيب الثاني: وجوه الاستدلال بالنواهي الواردة على الفساد:
قد عرفت أن للقوم في المسألة مسلكين:
(الأول): أن الحرمة تلازم الفساد أم لا، وعلى هذا فالمسألة عقلية.
(الثاني): أن علماء الأمصار في جميع الأعصار كانوا يستدلون بالنواهي الواردة في خصوصيات العبادات والمعاملات على الفساد، وقد عرفت أيضا أن استدلالهم لم يكن بتوسيط الحرمة بل من جهة ظهور النهي عندهم في الارشاد.
ونزيدك هنا إيضاحا فنقول: إن استدلالهم بهذا السنخ من النواهي على الفساد وإرسالهم [1] يمكن أن يمثل له بالنهي عن تملك الزيادة بالبيع الربوي فإن نفس الانشاء وكذا تملك الزيادة بمثل الهبة ونحوها لا محذور فيه، و إنما المحرم هو التسبب بالبيع لتملك الزيادة ح - ع - م.