حسب ما نذكرها:
(الأول) عدم كون المتكلم لاغيا في كلامه وكونه مريدا للإفادة.
(الثاني) كونه مريدا لإفادة ما هو ظاهر اللفظ بحيث يكون ظاهر اللفظ مرادا له، إذ من الممكن - بحسب مقام الثبوت - عدم كونه لاغيا في كلامه، ولكن لا يكون مع ذلك مريدا لظاهر اللفظ بأن ألقاه تقية أو لجهات أخر.
(الثالث) عدم إجمال اللفظ وكونه ظاهرا في المعنى.
(الرابع) حجية الظهور والمتكفل لاثبات الأمر الأول والثاني ليس هو اللفظ بل بناء العقلا، إذ قد استقر بناؤهم على حمل فعل الغير على كونه صادرا عنه لغايته الطبيعية التي تقصد منه عادة ولا يعتنون باحتمال صدوره لغوا وجزافا، ولا باحتمال صدوره لغير ما هو غاية له نوعا. واللفظ الصادر عن المتكلم أيضا من جملة أفعاله، فيحمل بحسب بناء العقلا على كونه صادرا عنه لغاية، وكون المقصود منه غايته الطبيعية العادية، وحيث إن الغاية العادية للتلفظ إفادة المعنى، فلا محالة يحكم المستمع للفظ - قبل اطلاعه على المعنى المقصود منه - بكون التكلم به لغاية وفائدة وكون الغاية المنظورة منها إفادة معناه - أي شي كان -، وليس هذا مربوطا بباب دلالة الألفاظ على معانيها، بل هو من باب بناء العقلا على حمل فعل الغير على كونه صادرا عنه لغايته الطبيعية، وهذا مقدم بحسب الرتبة على الدلالة الثابتة للفظ - بما هو لفظ موضوع - على معناه المطابقي أو التضمني أو الالتزامي، لأنه من باب دلالة الفعل لا اللفظ بما هو لفظ موضوع، ويحكم به العقلا قبل الاطلاع على المعنى الموضوع له.
ثم إن هذا البناء من العقلا كما يكون ثابتا في مجموع الكلام كذلك يكون ثابتا في أبعاضه وخصوصياته، فكما أن نفس تكلمه - بما أنه فعل من الأفعال الاختيارية - يحمل على كونه لغايته الطبيعية العادية، فكذلك الخصوصيات المذكورة في الجملة من الشرط أو الوصف أو غيرهما تحمل - بما هي من الافعال الصادرة عنه - على كونها لغرض الإفادة والدخالة في المطلوب، فإنها غايتها العادية، وكما لم تكن دلالة نفس الجملة على كونها لغرض إفادة المعنى دلالة لفظية وضعية، بل كانت من جهة بناء العقلا - المتقدم بحسب الرتبة على الدلالة اللفظية المنطوقية -، فكذلك دلالة الخصوصية المذكورة في الكلام على كونها للدخالة في المطلوب ليست من باب دلالة اللفظ بما هو لفظ موضوع، بل هي من باب بناء العقلا ومن باب دلالة الفعل بما