الجهل بها قصورا فيسقط أيضا بإتيانه إذا أتي به على وجه القربة من جهة اشتماله على المصلحة (انتهى).
أقول: أما ما ذكره من صحة المجمع، ولو كان عبادة على القول بالجواز، فقد عرفت فساده.
ونزيدك هنا أن دخالة قصد القربة في حصول الغرض بحسب مقام الثبوت على نحوين:
الأول: أن يكون المأمور به والمحصل للغرض في باب الصلاة مثلا عنوانا بسيطا منطبقا على الاجزاء، ويكون لفظ الصلاة اسما لهذا الامر البسيط الانتزاعي، غاية الأمر أنه يشترط في انطباق هذا العنوان البسيط على هذه الأمور (التي أولها التكبير وآخرها التسليم) أن يؤتى بها بداع قربي، فعلى هذا لا يكون نفس هذه الأمور ولا قصد القربة بمأمور بها، بل الامر تعلق بنفس العنوان البسيط، ومجموع هذه الأمور منطبق له ومنشأ لانتزاعه، وقصد القربة مقدمة وجودية لتحققه من جهة دخالته في انطباق هذا العنوان على هذه الأمور.
الثاني: أن يكون المأمور به عبارة عن نفس الأمور المتكثرة (التي أولها التكبير وآخرها التسليم) ويكون قصد القربة أيضا مأخوذا في المأمور به جزا أو قيدا.
إذا عرفت هذا فنقول: إن كانت دخالة قصد القربة في المأمور به على النحو الأول فلا يتصور - ولو على القول بالجواز - مجمع للعنوانين، إذ الفرد الذي هو مصداق للغصب مثلا بعد كونه مبعدا عن ساحة المولى لا يمكن أن يتقرب به إليه، فلا ينطبق عليه عنوان المأمور به، ولا يصير من مصاديقه، إذ الفرض دخالة قصد القربة و صلاحيته للتقرب به في صيرورته من مصاديقه وانطباق عنوانه عليه. وأما إذا كانت دخالته على النحو الثاني: بأن كان المأمور به عبارة عن نفس الحركات والأقوال وكان قصد القربة أيضا جزا أو شرطا شرعيا، فتصوير المجمع للعنوانين، وإن كان بمكان من الامكان إلا أن صحته ووقوعه عبادة مشكل، ولو على القول بالجواز، لما عرفت من عدم صلاحية المبعد لان يتقرب به، فافهم.
وأما ما ذكره من حصول الامتثال بإتيان المجمع، بناء على القول بالامتناع وتقديم جانب الامر، ففيه: أن تقديم جانب الامر غير جائز، و إن كانت المصلحة الباعثة على الامر أقوى من المفسدة الباعثة على النهي، بل الواجب على القول بالامتناع تقديم جانب النهي مطلقا بالنسبة إلى المجمع.
والسر في ذلك أن مقتضى الامر بطبيعة، حصول الامتثال بإتيان فرد منها، أي فرد كان، وهذا بخلاف النهي، فإن امتثاله إنما هو بترك جميع أفراد الطبيعة لما مر من انحلاله إلى نواه