الثاني:
قد ظهر لك مما ذكرنا سقوط النزاع في كون النهي متعلقا بالترك أو الكف من أصله وأساسه، إذ النهي - كما حققنا - عبارة عن الزجر، ومتعلقه نفس الوجود، والعقل وإن كان ينتزع عن هذا الزجر عن الوجود بعثا متعلقا بنقيضه، ولكن النقيض للوجود هو العدم المطلق، لا العدم المقيد بكونه ملازما للميل إلى الوجود كما هو مفاد الكف.
الثالث:
قد يتوهم أن النهي مثل الامر ينقسم إلى تعبدي وتوصلي، وهو توهم فاسد، إذ النهي إنما يتعلق بوجود الطبيعة، وقد عرفت أن نفس أمريته عصيان له، ولا يعقل أن يقع متعلقه مصداقا لامتثاله وحقيقة التعبدية هي كون المتعلق للتكليف مقيدا بصدوره بداعي هذا التكليف المتعلق به، فيشترط في تحققها كون المتعلق بتحققه مصداقا للامتثال، كما في الأوامر، لا للعصيان كما في النواهي.