الشرط أعم من الواقع والظاهر.
الثالث:
أن الحكومة في المقام إن كانت واقعية لزم ترتيب جميع آثار الواقع على الطهارة الظاهرية، فلا بد أن لا يحكم بنجاسة الملاقي أيضا، و لو انكشف الخلاف بعد ذلك. [1] [1] أقول: لا يخفى أن المهم في إثبات الاجزاء في الاحكام الظاهرية هو الجواب عن النقوض الواردة عليه، (فمنها) هذا المثال، (ومنها) أن مقتضى ذلك حصول الطهارة للثوب النجس إذا غسل بالماء المشكوك الطهارة.
ومنها انتقال الثمن حقيقة إلى البائع إذا أخذه في مقابل المشكوك فيه الذي حكم بطهارته ظاهرا، وكان مما يفسد بيعه نجسا إلى غير ذلك من النقوض، والظاهر أن جواب سيدنا الأستاذ العلامة (مد ظله العالي) لا يكفي لرفع الاشكالات، فإن الملاقاة في المثال الأول مثلا قد وقعت في حال كون الملاقي (بالفتح)، محكوما بالطهارة، وبعد انكشاف الخلاف وإن تبدل الموضوع، ولكن المفروض عدم حدوث ملاقاة أخرى بعد تبدله، فالحكم بنجاسة الملاقي لا يصح إلا بناء على كون الحكومة ظاهرية.
نعم، يمكن أن يجاب عن النقض الأول بوجه آخر وهو أن يقال: إن الأثر الشرعي عبارة عما يثبت للشئ بجعل الشارع، وفي باب الملاقاة ليس لنا مجعولان شرعيان: أحدهما كون ملاقي النجس نجسا، وثانيهما كون ملاقي الطاهر طاهرا، بل المجعول الشرعي هو الأول فقط، بداهة ان طهارة الملاقي (بالكسر) ليست حاصلة بسبب طهارة الملاقى (بالفتح)، بل كانت حاصلة قبل الملاقاة أيضا.
وبالجملة طهارة الملاقي (بالكسر) ليست من الآثار الشرعية لطهارة الملاقى، حتى يقال: إن مقتضى كون الحكومة واقعية هو بقاء هذا الأثر بعد انكشاف الخلاف أيضا. (اللهم إلا أن يقال). إن الطهارة ليست إلا عبارة عن عدم النجاسة والقذارة، كما يساعد عليه العرف أيضا، وحينئذ فيكون المراد من كون طهارة الملاقي (بالكسر) بسبب طهارة الملاقى كون عدم نجاسته مستندا إلى عدم نجاسته استناد عدم المعلول إلى عدم علته، فتأمل فإن ذلك أيضا لا يفيد ثبوت المجعولين.
ثم إنه يمكن أن يجاب بما ذكر عن الاشكال الذي أورده بعض الأعاظم في مسألة ملاقي أحد طرفي العلم الاجمالي فإن المعروف عندهم كون الملاقي طاهرا وحلالا لتعارض الأصلين في الطرفين فيبقى الأصل في الملاقى سالما عن المعارض.
واستشكل هذا البعض على ذلك بأن استصحابي الطهارة في الطرفين يتعارضان ويتساقطان، فتصل النوبة في الرتبة اللاحقة إلى قاعدة الطهارة في الطرفين واستصحابها في الملاقى، ثم تتعارض الأصول الثلاثة وتتساقط، وتصل النوبة بعدها إلى استصحاب الحلية في الطرفين وقاعدة الطهارة في الملاقي في عرض واحد، فتتعارض أيضا وتصل النوبة إلى قاعدة الحلية في الطرفين و استصحابها في الملاقي فتتساقط أيضا، فيبقى الطرفان بلا أصل وتبقى قاعدة الحلية في الملاقي بلا معارض، ومقتضى ذلك حلية الملاقي دون طهارته.
والجواب عن هذا الاشكال يظهر مما ذكرنا، فإنا لا نسلم كون طهارة الملاقي أو حليته متأخرة بحسب الرتبة عن طهارة الملاقي (بالفتح) أو حليته حتى يكون جريان استصحاب الطهارة أو الحلية أو قاعدتهما في الملاقى متأخرا