يحب الخروج عما يقتضيه الأصل باطلاقات أدلة التخيير (1) فان المتيقن من تقييدها هو ما إذا كان في أحد المتعارضين أحد المزايا المنصوصة، ولا يستفاد من أدلة الترجيح وجوب الاخذ بكل مزية تقتضي أرجحية أحدهما سندا أو مضمونا، فالقول بوجوب التعدي عن المرجحات المنصوصة خال عن الدليل.
نعم: يمكن أن يستدل له بقوله - عليه السلام - في مقبولة " عمر بن حنظلة " في وجه الترجيح بالشهرة: " فان الجمع عليه مما لا ريب فيه " وبقوله في وجه الترجيح بمخالفة العامة: " فان الرشد في خلافهم ". بتقريب: أن المراد من " المجمع عليه " ليس هو الاجماع المصطلح، بحيث تكون الرواية مما قد أجمع الأصحاب ورواة الأحاديث على روايتها، وإلا كانت الرواية متواترة مقطوعة الصدور، بل المراد منه هو كون الرواية مشهورة بين الأصحاب معروفة بين الرواة وإن كانت من أخبار الآحاد، ولا منافاة بين كون الرواية من أخبار الآحاد وبين اشتهارها بين أرباب الحديث وتدوينها في الأصول والكتب والمجامع، ويقابلها الرواية الشاذة التي لم تكن معروفة عند الرواة ولم يشتهر نقلها وتدوينها في الأصول وكتب الأحاديث، ومن المعلوم: أنه لا يصح حمل عدم الريب بقول مطلق على مثل هذه الرواية التي يجامعها احتمال عدم الصدور، فان الخبر الواحد مهما بلغ في الاشتهار لا يكون مقطوع الصدور، فلابد وأن يكون المراد من قوله - عليه السلام - " ممالا ريب فيه " هو عدم الريب بالإضافة إلى الرواية الشاذة التي لم تكن معروفة عند أصحاب الحديث، فان الرواية المشهورة تكون أقرب إلى الصدور من الرواية الشاذة، فيكون الريب المحتمل في الرواية الشاذة