ودعوى: أن النسخ يكون من قبيل تقييد الاطلاق فيقدم على تخصيص العام، لا تخلو عن مغالطة، فان النسخ عبارة عن رفع الحكم الثابت، وثبوت أحكام الشريعة في جميع الأزمنة ليس من جهة إطلاق الأدلة، بل من جهة قوله - عليه السلام - " حلال محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة " (1) ونحو ذلك من الأدلة الدالة على استمرار أحكام الشريعة وعدم نسخها (2) فلو ثبت نسخ الحكم في مورد فإنما هو تخصيص لهذه الأدلة، لا تقييد لاطلاق الأدلة الأولية المتكفلة لبيان أصل ثبوت الاحكام في الشريعة.
نعم: قد يستفاد استمرار الحكم من إطلاق الدليل بمعونة مقدمات الحكمة، كقوله تعالى: " أوفوا بالعقود " حيث إنه يلزم لغوية تشريع وجوب الوفاء بالعقد مع عدم استمراره في الأزمنة، وقد تقدم (في تنبيهات الاستصحاب " أن العموم الافرادي في الآية الشريفة يستتبع العموم الزماني، ولكن الاستمرار الذي يستفاد من مقدمات الحكمة غير الاستمرار المقابل للنسخ، فان الاستمرار المقابل للنسخ عبارة عن استمرار الحكم ودوامه إلى يوم القيامة، والاستمرار بهذا