الاستصحابين التفكيك بين المتلازمين مع عدم قيام الدليل على عدم جواز التفكيك بينهما، كاستصحاب طهارة البدن وبقاء الحدث عند الوضوء بمايع مردد بين البول والماء. ومنها: مالا يجري فيه كل من الاستصحابين، وهو القسم الأول والثاني والرابع. ولكن لا بمناط واحد، بل في القسم الأول لا يجري الاستصحابان لأنه يلزم منهما المخالفة العملية، كما في استصحاب طهارة الانائين مع العلم بنجاسة أحدهما. وفي القسم الثاني لا يجريان لمكان أنهما يؤديان إلى ما يخالف المعلوم بالاجمال، كما في استصحاب نجاسة الانائين مع العلم بطهارة أحدهما. وفي القسم الرابع لا يجريان لمكان قيام الدليل من الخارج على عدم صحة الجمع بين الاستصحابين، كما في تتميم الماء النجس كرا بماء طاهر، فإنه لولا قيام الاجماع على اتحاد حكم المائين المختلطين لكانت القاعدة تقتضي بقاء الطاهر على طهارته والنجس على نجاسته، ولكن قيام الاجماع على اتحاد حكم المائين المختلطين يوجب حصول الشك في بقاء الطاهر على طهارته وفي بقاء النجس على نجاسته، فان الاجماع لم يقم إلا على اتحاد حكم المائين، فيمكن أن يكون الماء الطاهر باقيا على طهارته والماء النجس صار طاهرا بالخلط، ويمكن العكس، فإن الاجماع لا يفيد أزيد من حصول الشك في بقاء الحالة السابقة لكل من المائين، فموضوع الاستصحاب في كل منهما ثابت، إلا أنه لا يجريان معا، لأنه يلزم من جريانهما اختلاف حكم المائين المختلطين، والمفروض: قيام الاجماع على الاتحاد. فالقسم الرابع يشارك القسم الأول والثاني في سقوط كل من الاستصحابين، إلا أنه في القسم الأول كان السقوط لأجل عدم إمكان التعبد بهما، وفي القسم الثاني يكون السقوط لأجل قيام الدليل من الخارج على عدم صحة الجمع بينهما، فتأمل جيدا.
ثم لا يخفى عليك: أن الشيخ - قدس سره - لم يتعرض في تقسيمه للقسم الثاني، وعلل سقوط الاستصحابين في القسم الأول بأنه يلزم منهما المخالفة