فالترجيح في باب الأصول المتعارضة ساقط من أصله ولا محيص عن القول بالتساقط، وقد تقدم في مبحث الاشتغال ما ينفع المقام (1) فراجع.
المقدمة الثانية: المجعول في باب الأصول العملية وإن كان هو البناء العملي على أحد طرفي الشك، الا أنه تارة: يكون المجعول هو البناء العملي على ثبوت الواقع في أحد طرفي الشك وتنزيله عملا منزلة الواقع. وأخرى: يكون المجعول مجرد تطبيق العمل على أحد طرفي الشك، من دون أن يكون الجعل متكفلا لثبوت الواقع في أحد الطرفين. ويعبر عن الأول بالأصل المحرز أو المتكفل للتنزيل، وعن الثاني بالأصل الغير المحرز، ولا يخفى ما في التعبير من المناسبة.
ويدخل في القسم الأول الاستصحاب وقاعدة الفراغ والتجاوز وأصالة الصحة، فان هذه الأصول كلها متكفلة للتنزيل والاحراز، والمجعول فيها هو البناء العملي على ثبوت الواقع إن كان مؤدى الأصل مقام الثبوت - كالاستصحاب - أو البناء العملي على الاتيان بالواقع إن كان مؤدى الأصل مقام الفراغ والسقوط - كقاعدة الفراغ والتجاوز -.
ويدخل في القسم الثاني البراءة والاحتياط وأصالة الحل والطهارة، فان المجعول في هذه الأصول مجرد تطبيق العمل على أحد طرفي الشك من دون أن تكون متكفلة لثبوت الواقع أو الاتيان به (2).