السلوكية، لأنه يكفي في التعبد بها مصلحة التسهيل وعدم وقوع المكلفين في كلفة الاحتياط، فإذا لم يكن في الأصول العملية مصلحة السلوك لا يمكن إدراج الأصول المتعارضة في باب التزاحم، لما عرفت: من أن إدراج الامارات المتعارضة في باب التزاحم إنما كان لأجل اشتمالها على المصلحة السلوكية، والأصول العملية فاقدة لها، فلا تندرج في صغرى التزاحم.
وما ذكره الشيخ - قدس سره - من إمكان إدراج الاستصحابين المتعارضين في باب التزاحم إذا فرض أن العمل بأحد الاستصحابين يقتضي سلب القدرة وعدم التمكن من العمل بالآخر، مجرد فرض لا واقع له، بل الظاهر أن يكون من المستحيل.
فالانصاف: أن القول بالتخيير في إعمال أحد الأصلين المتعارضين مما لا سبيل إليه، بل هو قول بلا دليل، لان نسبة أدلة الاعتبار إلى كل من الأصلين على حد سواء ولا يمكن الجمع بينهما حسب الفرض، فلابد من التساقط.
ولا موقع للترجيح بين الأصول المتعارضة، فان الترجيح إن كان لأجل موافقة أحد المتعارضين لأصل عملي آخر، فالأصل المعارض يعارض كل من الأصلين المتعارضين مع اتحاد رتبتهما، لان تعارض الأصول العملية إنما يكون باعتبار المؤدى، فقد يعارض مؤدى أصل لمؤدى أصول متعددة مع اتحاد الرتبة، وإلا لا يعقل وقوع التعارض بينها، فالأصل العملي لا يصلح لان يكون مرجحا لاحد الأصلين المتعارضين.
وإن كان الترجيح لأجل موافقة مؤدى أحد المتعارضين لامارة غير معتبرة، فالامارة لا تكون في رتبة الأصل ولا يمكن أن تكون الامارة مرجحة للأصل، لان اعتبار الأصل ليس من جهة كشفه عن الواقع حتى تكون موافقة الامارة له مقتضية لأقوائية كشفه وأقربية مؤداه للواقع.