الافراد المتدرجة في الوجود، فلا وجه لملاحظة الدليل أولا مع الشك السببي حتى يقال بارتفاع الشك المسببي، بل يمكن العكس ويلاحظ الدليل أولا مع الشك المسببي فيرتفع به الشك السببي بناء على حجية الأصل المثبت.
وبعبارة أوضح: فردية الشك المسببي للعام محرزة بالوجدان كما أن فردية الشك السببي له أيضا محرزة بالوجدان، فلا معنى لاخراج الشك المسببي عن كونه فردا للعام بادخال الشك السببي في أفراد العام، مع أن نسبة العام إلى كل من الفردين على حد سواء.
ويمكن تقريب الاشكال بوجه آخر: وهو أن الحكومة تتوقف على تعدد الدليل ليكون أحد الدليلين حاكما على الآخر ومفسرا لمدلوله، فلا يعقل الحكومة في دليل واحد، لأنه يلزم اتحاد الحاكم والمحكوم وكون الدليل الواحد شارحا ومفسرا لنفسه، فالأصل السببي لا يمكن أن يكون حاكما على الأصل المسببي مع اتحاد دليل اعتبارهما.
هذا، ولكن لا يخفى عليك فساد ذلك، فان قوله - عليه السلام - " لا تنقض اليقين بالشك " عام انحلالي ينحل إلى قضايا متعددة حسب تعدد أفراد اليقين والشك في الخارج، فهو بالنسبة إلى الشك السببي والمسببي بمنزلة دليلين متغايرين، كما إذا كان لكل منهما دليل يخصه من أول الامر، فيكون أحد الدليلين رافعا لموضوع دليل الآخر وحاكما عليه. وأما حديث اعتبار الشرح والتفسير في الحكومة: فقد عرفت ما فيه، وسيأتي تفصيله أيضا (إن شاء الله تعالى).
فالتحقيق: أنه لا مجال للتوقف في حكومة الأصل السببي على الأصل المسببي، سواء توافقا في المؤدى أو تخالفا، وسواء كان دليل اعتبارهما متحدا أو متعددا، فان اتحاد الدليل وتعدده لا دخل له بذلك بعدما كان الدليل عاما انحلاليا.