هذا، ولكن يمكن أن يقال: إن النهي أو النفي بنفسه لا يدل على أزيد من ترك الافراد العرضية، وأما ترك الافراد الطولية: فهو إنما يستفاد من دليل الحكمة وإطلاق النهي (1) وقد تقدم: أنه إذا استفيد العموم الزماني من دليل الحكمة فلابد وأن يكون مصبه نفس الحكم الشرعي، لا متعلقه.
وقد اختلفت كلمات شيخنا الأستاذ - مد ظله - في ذلك، ففي الفقه - عند البحث عن خيار الغبن - رجح عدم دلالة النهي والنفي على ترك الافراد الطولية وإنما يستفاد العموم الزماني بالنسبة إلى الافراد الطولية من دليل الحكمة، وفي الأصول توقف في ابتداء الامر ولم يرجح أحد الوجهين، ولكن أخيرا مال إلى أن النهي إنما يتعلق بالقدر المشترك بين الافراد العرضية والطولية المتدرجة في الزمان، سواء كان للنهي تعلق بالموضوع الخارجي كالنهي عن شرب الخمر، أو لم يكن له تعلق بالموضوع الخارجي كالنهي عن الغناء، غايته أنه في الأول يدوم النهي بدوام وجود الموضوع خارجا، وفي الثاني يكون دوامه ببقاء المكلف على شرائط التكليف، فليس النهي بمدلوله اللفظي يدل على العموم الزماني.
وقد حكي عن الأصحاب: أن بنائهم على التمسك بالاستصحاب في موارد الشك في التخصيص الزماني أو في مقداره، وكأنهم جعلوا مصب العموم الزماني نفس الحكم لا متعلقه، فتأمل في المقام فإنه بعد يحتاج إلى زيادة بيان.
ثم لا يخفى عليك: أنه لو بنينا على أن النهي بمدلوله اللفظي يدل على العموم الزماني وأن مصب العموم هو المتعلق، فالتمسك به في موارد الشك في التخصيص أو في مقداره إنما يصح إذا كان لدليل الحكم إطلاق بالنسبة إلى الحالات والطواري اللاحقة للمكلف: من المرض والصحة والاختيار