يبحث فيها عن مصب العموم الزماني، فينحصر أن يكون مصب العموم فيها نفس الحكم الوضعي: من الطهارة والنجاسة والملكية والزوجية والرقية وغير ذلك من الاعتبارات العرفية والأحكام الوضعية، فيكون المرجع عند الشك في التخصيص الزماني فيها هو الاستصحاب.
ومنه يظهر: عدم جواز التمسك بعموم قوله تعالى: " أوفوا بالعقود " لاثبات فورية الخيار في المعاملات الغبنية، بل لابد من استصحاب بقاء الخيار في كل زمان شك فيه بعد العلم بثبوته عند ظهور الغبن، لان مفاد قوله تعالى: " أوفوا بالعقود " ليس وجوب الوفاء به تكليفا وحرمة التصرف فيما انتقل عن المتعاقدين، بل مفاده لزوم العقد وعدم انفساخه بالفسخ، فيكون مدلوله حكما وضعيا، ومصب العموم الزماني فيه نفس لزوم العقد، وفي مثله لا مجال للتمسك بالعموم.
فظهر: أنه في الأحكام الوضعية يكون العموم الزماني فيها قيدا لنفس الحكم بناء على كونها متأصلة بالجعل، بل ولو قلنا: بكونها منتزعة عن التكليف، كما هو مختار الشيخ - قدس سره - فان أقصى ما يلزم منه هو إمكان أن يكون مصب العموم الزماني فيها متعلق التكليف، ولكن مجرد إمكان ذلك لا يقتضي كونه مصب العموم الزماني ما لم يقم دليل على أخذه في ناحية المتعلق، لما عرفت:
من أن الأصل فيما لم يقم دليل على ذلك هو أن يكون مصب العموم نفس الحكم الشرعي، ومن المعلوم: أنه لم يقم دليل على أخذ العموم الزماني قيدا في ناحية المتعلق في باب الأحكام الوضعية، فدليل الحكمة تقتضي أن يكون مصبه نفس الحكم الوضعي على المختار أو الحكم التكليفي على مختار الشيخ - قدس سره - ففي باب الوضعيات لو شك في تخصيص العموم الزماني أو في مقداره لا مجال للرجوع إلى العموم، بل لابد من الرجوع إلى استصحاب حكم العام في الأول واستصحاب حكم الخاص في الثاني.