ولم يكن في الطرف الآخر أصل مثبت للتكليف من غير ناحية العلم الاجمالي، فالعلم الاجمالي ينحل به أيضا، كما ينحل بالأصل المثبت للتكليف في بعض الأطراف، لان الأصل النافي يوجب التأمين عن الطرف الذي يجري فيه ويبقى الطرف الآخر بلا مؤمن.
ولكن فرض أن يكون في أحد الطرفين أصل ناف للتكليف غير معارض بمثله ولم يكن في الطرف الآخر أصل مثبت له بعيد، بل الظاهر أنه لا يمكن.
نعم: يمكن فرضه في الأصل الجاري في وادي الفراغ وناحية الامتثال، كما لو علم إجمالا بعد دخول المغرب بفوات إحدى الفرائض الخمس من هذا اليوم وترددت بين كونها الظهر أو المغرب، فإنه في مثل الفرض تجري قاعدة الشك بعد الوقت النافية للتكليف عن الظهر وينحل بها العلم الاجمالي.
هذا، ولكن يمكن أن يقال: إن المثال ليس مما نحن فيه، لوجود الأصل المثبت في أحد طرفي العلم الاجمالي وهو أصالة الاشتغال الجارية في صلاة المغرب مع بقاء وقتها، فالانحلال إنما يكون بالأصل المثبت.
وبالجملة: فرض خلو أحد الأطراف عن كل من الأصل المثبت للتكليف والنافي له مما لم نعثر على مثاله.
وقد يتوهم: أن العلم بنجاسة أحد الانائين اللذين كان أحدهما متيقن الطهارة قبل العلم الاجمالي دون الآخر يكون مثالا لما نحن فيه، بتقريب: أن الاستصحاب الطهارة في متيقن الطهارة يعارض أصالة الطهارة الجارية في الطرف الآخر فيسقطان، وتصل النوبة حينئذ إلى أصالة الطهارة في مستصحب الطهارة، وهي سليمة عن المعارض لسقوط معارضها في المرتبة السابقة، وليست أصالة الطهارة في مستصحب الطهارة في مرتبة استصحابها لتسقط بسقوطه، لأنها محكومة، فهي في ظرف جريان الاستصحاب لا تجري، وفي ظرف جريانها لا يكون لها معارض