وزان الخطابات بأجزاء العبادة وشرائطها ليس خطابا طريقيا بل متمم للخطاب بذي المقدمة، وحاله - من هذه الجهة - حال الخطاب المتعلق بقصد التقرب والامتثال ونحو ذلك من الانقسامات اللاحقة للامر التي لا يمكن أخذها في متعلق الامر.
وأما إيجاب السير للحج قبل الموسم: فإنما هو لأجل عدم إمكان استيفاء الملاك إلا بايجاب السير قبل الموسم، من دون أن يكون للسير دخل في الملاك أصلا، بل الخطاب بالحج بلا ضميمة إيجاب السير يكون منطبقا على الواجد للملاك، إلا أن استيفاء الملاك يتوقف على إيجاب السير قبل الموسم، لاستحالة فعل الحج في موسمه للبعيد بدون إيجاب السير، والمفروض: أن نفس خطاب الحج لا يقتضي إيجابه، لكونه مشروطا، فلابد من إيجاب السير بخطاب مستقل ليمكن استيفاء الملاك من خطاب الحج بضميمة هذا الخطاب.
وأما وجوب حفظ الطهارة للصلاة قبل الوقت: فهو تابع لقيام الدليل عليه من عقل أو شرع، ونفس الخطاب بالصلاة في الوقت لا يقتضي ذلك.
والتقريب الذي ذكرناه في إيجاب السير للحج لا يتمشى هنا، لأن المفروض في باب الحج وجوبه على النائي مع استحالة إيجاده في الموسم بدون السير، وفي باب الصلاة ليس كذلك، لامكان القول بعدم وجوب الصلاة مع الطهارة على من لم يتمكن من فعل الطهارة في الوقت، ولا موجب لوجوب حفظ الطهارة قبل الوقت بعد ما كان للوقت دخل في الملاك، فايجاب الطهارة قبل الوقت يحتاج إلى قيام الدليل، وبعد قيام الدليل عليه يكون حاله حال وحوب السير، والغسل ليس خطابه طريقيا، بل لمكان توقف الواجب خارجا عليه.
وهذا بخلاف التعلم والاحتياط، فإنه لا يتوقف فعل الواجبات وترك المحرمات عليهما، إذ ليس للعلم دخل في القدرة ليكون حاله حال المقدمات المفوتة، وليس لهما دخل في الملاك أيضا، فلا يكون لايجاب التعلم والاحتياط