فيها بأطراف النقض والابرام على وجه لم يسبق إليه سابق من الأعلام مذيلا بأخبار أهل الذكر (عليهم السلام) وتحقيقات تلذها الأفهام وإن طال بذلك زمام الكلام فإنه لما ذكرنا من أهم المهام، فأقول وبالله التوفيق إن الكلام هنا في الطهارة والنجاسة والحل والحرمة في كل من الفردين المذكورين:
أما عصير الزبيب فالظاهر أنه لا خلاف في طهارته وعدم نجاسته بالغليان فإني لم أقف على قائل بالنجاسة هنا، وبذلك صرح في الذخيرة أيضا فقال بعد الكلام في نجاسة العصير العنبي: وهل يلحق به عصير الزبيب إذا غلى في النجاسة؟ لا أعلم بذلك قائلا وأما في التحريم فالأكثر على عدمه. انتهى. ويلوح من كلام شيخنا الشهيد الثاني وقوع الخلاف هنا حيث قال بعد الكلام في نجاسة عصير العنب: ولا يلحق به عصير التمر وغيره حتى الزبيب على الأصح ما لم يحصل فيه خاصية الفقاع، للأصل وخروجه عن مسمى العنب وذهاب ثلثيه بالشمس. وقال في شرح الرسالة: ولا يلحق به عصير التمر وغيره اجماعا ولا الزبيب على أصح القولين للأصل وضعف متمسك القائل بالالحاق. انتهى. وهو جيد. ومن ذلك علم أن الخلاف إنما هو في الزبيب وأما التمر وغيره فقد عرفت نقل شيخنا المشار إليه الاجماع على عدم النجاسة فيه.
بقي البحث في التحريم في كل منهما وعدمه، والبحث في ذلك يتوقف على تقديم مقدمة تشتمل على فوائد يظهر الحق منها لكل طالب وقاصد ويتضح بها ما في المسألة من المقاصد:
(الفائدة الأولى) لا يخفى أن المستفاد من أخبار أهل العصمة (عليهم السلام) أن العصير في عرفهم اسم لما يؤخذ من العنب خاصة وأن ما يؤخذ من التمر إنما يسمى بالنبيذ وما يؤخذ من الزبيب يسمى بالنقيع وربما أطلق النبيذ أيضا على ماء الزبيب، وهذا هو الذي يساعده العرف أيضا فإنه لا يخفى أن العصير إنما يطلق على الأجسام التي فيها مائية لاستخراج الماء منها كالعنب مثلا والرمان والبطيخ بنوعيه ونحو ذلك، وأما الأجسام الصلبة التي فيها حلاوة أو حموضة ويراد استخراج حلاوتها أو حموضتها بالماء مثل التمر والزبيب