والسماق والزرشك ونحوها فإنه إنما يستخرج ما فيها من الحلاوة أو الحموضة إما بنبذها في الماء ونقعها فيه زمانا يخرج حلاوتها أو حموضتها إلى الماء أو أنها تمرس في الماء من أول الأمر من غير نقع أو أنها تغلي بالنار لأجل ذلك، والمعمول عليه في الصدر الأول إنما هو النبذ في الماء والنقع فيه كما ستطلع عليه إن شاء الله تعالى، وهذا ظاهر يشهد به الوجدان في جميع البلدان، وبهذا أيضا صرح كلام أهل اللغة، قال الفيومي في المصباح المنير في مادة عصر: عصرت العنب ونحوه عصرا من باب ضرب: استخرجت ماءه وقال في مادة نقع أنقعت الدواء وغيره انقاعا: تركته في الماء حتى انتقع وهو نقيع فعيل بمعنى مفعول، إلى أن قال ويطلق النقيع على الشراب المتخذ من ذلك فيقال نقيع التمر والزبيب وغيره إذا ترك في الماء حتى ينتقع من غير طبخ. انتهى. فانظر إلى وضوح هذا الكلام في المقصود والمراد من الفرق بين القسمين والتغاير في الاسمين بجعل ما يتخذ من الأجسام المائية عصيرا وما يتخذ من التمر والزبيب ونحوهما نقيعا، وقال في باب مرس: مرست التمر مرسا من باب قتل: دلكته في الماء حتى تتحلل أجزاؤه. انتهى. وقال ابن الأثير في النهاية: وفي حديث الكرم يتخذونه زبيبا ينقعونه أي يخلطونه بالماء ليصير شرابا، إلى أن قال والنقيع شراب يتخذ من زبيب أو غيره ينقع في الماء من غير طبخ. وقال في القاموس في مادة عصر: عصر العنب ونحوه يعصره فهو معصور وعصير: استخرج ما فيه، إلى أن قال وعصيره ما يحلب منه. وقال في مادة نقع: والنقيع البئر الكثيرة الماء الجمع أنقعة، وشراب من زبيب أو كل ما ينقع تمرا أو زبيبا أو غيرهما. انتهى. وهي صريحة أيضا في المراد، وقال في مجمع البحرين في مادة عصر: والعصير من العنب يقال عصرت العنب عصرا من باب ضرب: استخرجت ماءه، واسم الماء العصير فعيل بمعنى مفعول. وقال في مادة نقع: والنقيع شراب يتخذ من زبيب ينقع في الماء من غير طبخ وقد جاء في الحديث كذلك. وقال في مادة نبذ: والنبيذ ما يعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك. انتهى. وهو ظاهر
(١٢٦)