في المطلوب على الوجه المحبوب، وعلى هذا فقد اتفق على صحة ما ذكرناه الشرع والعرف واللغة. وبذلك يظهر أنه حيثما يذكر العصير في الأخبار فإنما يراد به ماء العنب إلا مع قرينة تدل على العموم وأن ماء التمر والزبيب لا مدخل لهما في اطلاق هذا اللفظ (فإن قيل): إن التمر والزبيب بعد نقعهما في الماء وخروج حلاوتهما يعصران فيصدق عليهما العصير بذلك (قلنا) نعم إنهما يعصران كما ذكرت ويطلق عليهما العصير لغة بمعنى المعصور إلا أن مبنى ما ذكرنا من الفرق والتسمية إنما هو بالنسبة إلى استخراج ما في تلك الأشياء من المياه أو غيرها من أول الأمر فإن المعصورات يستخرج ماؤها من أول الأمر بالعصر ولا يحتاج إلى أمر آخر غيره، وأما هذه ونحوها فإنها تحتاج أولا إلى إضافة الماء إليها ثم نقعها أو غليها أو مرسها حتى يخرج ما فيها ثم تعصر بعد ذلك وتصفى ومن الأخبار الصريحة فيما فصلناه الدالة على ما ادعيناه صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج عن الصادق (عليه السلام) (1) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الخمر من خمسة: العصير من الكرم والنقيع من الزبيب والبتع من العسل والمرز من الشعير والنبيذ من التمر " ونحوها ما في الكافي عن علي بن إسحاق الهاشمي وقد تقدمت قريبا، وحينئذ فما ورد في الأخبار بلفظ العصير مطلقا مثل قوله (عليه السلام) في صحيحة عبد الله بن سنان (2): " كل عصير أصابته النار فهو حرام حتى يذهب ثلثاه " وقوله (عليه السلام) في حسنة حماد بن عثمان (3): " لا يحرم العصير حتى يغلي " وقوله (عليه السلام) في رواية حماد أيضا (4) لما سأله عن شراب العصير فقال: " اشربه ما لم يغل فإذا غلى فلا تشربه " وفي رواية ذريح (5) " إذا نش العصير أو غلا حرم " وفي رواية محمد بن الهيثم عن رجل عن الصادق (عليه السلام) (6) قال: " سألته عن العصير
(١٢٧)