فعن الصدوق في المقنع والشيخ في الخلاف والنهاية وكتابي الحديث وكثير من الأصحاب الطهارة حتى نقل عن الشيخ في الخلاف وابن زهرة في الغنية دعوى الاجماع على ذلك، وقال ابن إدريس في السرائر: اللبن نجس بغير خلاف عند المحصلين من أصحابنا لأنه مائع في ميتة ملامس لها، وما أورده شيخنا في نهايته رواية شاذة مخالفة لأصول المذهب لا يعضدها كتاب الله ولا سنة مقطوع بها ولا اجماع وتبعه على القول بذلك جماعة من الأصحاب: منهم الفاضلان، قال في المنتهى المشهور عند علمائنا أن اللبن من الميتة المأكولة للحم بالذكاة نجس وقال بعضهم هو طاهر، ثم قال في الاستدلال على النجاسة:
لنا على التنجيس أنه مائع في وعاء نجس فكان نجسا كما لو احتلب في وعاء نجس، ولأنه لو أصاب الميتة بعد حلبه تنجس فكذا لو انفصل قبله لأن الملاقاة ثابتة في البابين.
وإلى القول بالطهارة مال من المتأخرين ومتأخريهم الشهيد في الذكرى والسيد السند في المدارك والمحقق الشيخ حسن في المعالم والفاضل الخوانساري في شرح الدروس والفاضل الخراساني في الذخيرة، وهو المختار لما تقدم من الأخبار وهي صحيحة زرارة وحسنة حريز وموثقة الحسين بن زرارة أو حسنته ومرسلة الفقيه المسندة في الخصال.
ولا يخفى أن ما استندوا إليه في الحكم بالنجاسة من حيث كونه مائعا ملامسا للميتة وكل ما كان كذلك فهو نجس فهو لا يخلو من مصادرة، والعموم الدال على نجاسة الملاقي للنجاسة برطوبة وهو دليل الكبرى مخصوص بالأخبار المذكورة فإنها صالحة للتخصيص فلا مانع من القول بها واستثناء هذا الفرد من العموم المذكور. وأما ما احتجوا به زيادة على الدليل المتقدم من رواية وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) (1) " أن عليا (عليه السلام) سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن فقال علي (عليه السلام) ذلك الحرام محضا " فهي لا تقوم بمعارضة الأخبار المذكورة، وقد أجاب عنها الشيخ في التهذيب بأنها رواية شاذة لم يروها غير وهب بن وهب وهو ضعيف جدا