والأحوط ما قدمناه. واختلف كلامه أيضا في كتابي الحديث فأفتى في الإستبصار بالطهارة وفي التهذيب بعدمها.
واحتج في المعالم بعد اختياره القول المشهور من عدم الطهارة فقال: لنا أصالة النجاسة إذ المفروض كون الماء نجسا والنار لا تخرج من العجين المخبوز جميع الماء وإنما تجفف بعض رطوبته فيفتقر الحكم بطهارة باقي الرطوبة إلى الدليل (لا يقال) يلزم على هذا طهر الأجزاء التي تجففها النار من رطوبة الماء رأسا لزوال المقتضي لاستصحاب النجاسة حينئذ (لأنا نقول) مدار غالب أحكام النجاسات على الاجماع ومن البين أن الخلاف هنا منحصر في القول بالبقاء على النجاسة مطلقا والقول بطهارته إذا صار خبزا مطلقا والتمسك باستصحاب النجاسة ينفي القول الثاني، وأما احتمال الطهارة إذا صار خبزا يابسا فإنما ينفيه فرض انحصار الخلاف في القولين إذ لا مساغ لاحداث الثالث على ما يقتضيه أصول الأصحاب، وقد بينا هذا في مبحث الاجماع من مقدمة الكتاب. انتهى.
أقول: لا يخفى أن ما ذكره في صدر كلامه جيد وبه استدل جملة من الأصحاب إلا أنه في سؤالاته لنفسه وأجوبته قد ناقض نفسه في ما تقدم نقله عنه في تطهير الشمس فإنه قد قال ثمة بعد أن ذكر انحصار وجوب التطهير بعد زوال العين في الثوب والبدن والآنية دون غيرها ما لفظه: (فإن قلت) كأن الاتفاق واقع على أن للنجاسات المعلومة أثرا في كل ما تلاقيه برطوبة مستمرا إلى أن يحصل المطهر الشرعي فيفتقر كل نوع من أنواع المطهرات إلى دليل يثبته (قلت) هذا كلام ظاهري يقع في خاطر العاجز عن استنباط بواطن الأدلة ويلتفت إليه القانع بالمجمل عن التفاصيل وما قررناه أمر وراء ذلك، وبالجملة فالذي يقتضيه التحقيق أنه لا معنى لكون الشئ نجسا إلا دلالة الدليل الشرعي على التكليف باجتنابه في فعل مشروط بالطهارة أو إزالة عينه أو أثره لأجله وأن ما لا دليل فيه على أحد الأمرين فهو على أصل الطهارة بمعنى أصالة براءة الذمة من التكليف فيه بأحدهما.. إلى آخر ما تقدم.