على الولوغ، ثم نقل حجة المخالف بأن كل جزء من الحيوان يساوي بقية الأجزاء في الحكم، ثم أجاب بأن التساوي ممنوع والفرق واقع إذ في الولوغ تحصل ملاقاة الرطوبة اللزجة للإناء المفتقرة إلى زيادة في التطهير. وقد اقتفى في هذه الحجة المحقق في المعتبر ومنها يعلم الجواب عما صار إليه في النهاية، ومن العجب أنه قال فيها بعد الكلام المتقدم بسطر واحد تقريبا: ولو أدخل يده أو رجله أو غيرهما من أجزائه كان كغيره من النجاسات وقيل بمساواته للولوغ، والأصحاب قد نقلوا عن ابني بابويه الحاق الوقوع بالولوغ وردوه بعدم الدليل.
قال في المعالم بعد نقل ذلك عنهما: والمشهور بين الأصحاب قصر الحكم على الولوغ وما في معناه وهو اللطع، والوجه فيه ظاهر إذ النص إنما ورد في الولوغ وادعاء الأولوية في غيره مطلقا في حيز المنع وبدونها يكون الالحاق قياسا. انتهى.
أقول: العذر لهم واضح حيث إنهم لم يقفوا على هذا الكتاب الذي هو مستندهم في جميع ما يستغربونه من الأحكام التي يقول بها ولم يوجد مستندها في الكتب المشهورة. لكن الأولى بهم في مثل المقام أن يحملوا كلامهما على وصول خبر إليهما ولم يصل إلى المتأخرين حيث إنهما من أرباب النصوص الذين لا يعولون إلا عليها على الخصوص لا على مفهوم أولوية ولا قياس ولا نحوهما مما لا يخرج عن شبهة الالتباس، وبالجملة فقد عرفت مستندهما في ما ذكرناه فلا ورود لما أورد عليهما.
والعجب أيضا أن ممن صرح بالحاق الوقوع بالولوغ المفيد (قدس سره) والظاهر أن مستنده أيضا في ذلك هو الكتاب المذكور وإن كانت عبارته على غير نهج عبارة الكتاب حيث قال: إذا شرب منه كلب أو وقع فيه أو ماسه ببعض أعضائه فإنه يهراق ما فيه من ماء ثم يغسل مرة بالماء ومرة ثانية بالتراب ومرة ثالثة بالماء ويجفف ويستعمل.
ومنه يظهر قوة ما ذهب إليه في النهاية بالنسبة إلى أجزاء الكلب. نعم ما ذكره زيادة على ذلك من عرقه وسائر رطوباته محل توقف لعدم الدليل.