(أما أولا) فلما قدمنا الإشارة إليه من أنه عين مملوكة يجوز الانتفاع بها نفعا محللا في علف الحيوان كالدهن النجس للاستصباح وغيره فلا مانع من بيعه، نعم إذا باعه على مسلم فظاهر الأصحاب وجوب اعلامه وإن لم أقف فيه على دليل وأما بيعه على الكافر المستحل لذلك فلا يتوقف على الاعلام.
و (أما ثانيا) فلتظافر الأخبار بذلك ومنها رواية زكريا بن آدم المتقدمة وصحيحة ابن أبي عمير الأولى وحسنة الحلبي أو صحيحته عن الصادق (عليه السلام) (1) " أنه سئل عن رجل كانت له غنم وبقر وكان يدرك الذكي منها فيعزله ويعزل الميتة ثم إن الميتة والذكي اختلطا كيف يصنع؟ قال يبيعه ممن يستحل الميتة ويأكل ثمنه.. " وصحيحته الأخرى أيضا عن الصادق (عليه السلام) (2) قال: " سمعته يقول إذا اختلط الذكي بالميت باعه ممن يستحل الميتة.. " ومع دلالة هذه الأخبار على الحكم المذكور فلا مجال للتوقف فيه ولا ضرورة إلى ما تكلفه العلامة في المختلف من التأويل.
وأما ما استند إليه ابن إدريس من الحديث الذي نقله ففيه أنه بعد صحته وثبوته فغايته أن يكون مطلقا وهذه الأخبار مع تكاثرها وصحتها خاصة فيجب تقييد اطلاق ذلك الخبر بها كما هو القاعدة المتكررة في كلامهم.
بقي أن رواية زكريا ابن آدم تضمنت الاعلام قبل البيع إلا أن ذلك في كلام السائل فلا يتقيد به الحكم المذكور لكن ظاهر عبارة الصدوق المتقدمة تقييد الحكم بذلك في البيع على أهل الذمة وإليه يشير كلام العلامة في المنتهى وقوله: " ويمكن أن يحمل على البيع على غير أهل الذمة " ويمكن توجيه ذلك بأنهم مع القيام بشرائط الذمة يعاملون معاملة المسلمين فلا يباع عليهم إلا مع الاعلام. إلا أن فيه أن رواية زكريا المشتملة على ذلك وهي التي أخذ الصدوق عبارته منها تضمنت أنهم يستحلون شربه فأي