والثابت قبل الملاقاة، وما وقع في كلامهم من أن المشتبه بالنجس له حكم النجس لا يريدون به من جميع الوجوه للقطع بأنه في الأصل طاهر قطعا ولم يعرض له تنجيس وما كان كذلك فهو في نفسه على طهارته فقد خالف حكم النجس من هذا الوجه، وغاية ما هناك أن الاشتباه صيره بحيث يمتنع استعماله فيما يشترط فيه الطهارة فصار كالنجس من هذه الجهة، على أن تشبيه شئ بآخر لا يقتضي المساواة من كل وجه كما تقرر بين الأصوليين. انتهى كلامه علا مقامه.
أقول: ومما يمكن أن يؤيد ما ذكره في غير المحصور بأنه ما يعسر حصره عرفا باعتبار كثرة آحاده موثقة حنان بن سدير عن الصادق (عليه السلام) (1) " في جدي رضع من خنزيرة حتى شب واشتد عظمه استفحله رجل في غنم له فخرج له نسل ما تقول في نسله؟ فقال أما ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربه وأما ما لم تعرفه فإنه بمنزلة الجبن " والتقريب فيه أنه لكثرة تلك الغنم على وجه يعسر عدها فالحكم فيه الحلية لكل فرد فرد منها، ويمكن ولعله الأقرب أن الوجه فيه إنما هو عدم معلومية بقاء ما خرج من نسله في تلك الغنم لكثرتها فلعله قد ذهب منها بأحد وجوه الذهاب كما يشير إليه التنظير بالجبن من حيث عدم معلومية الحرام منه بعينه. وأما ما ذكره بالنسبة إلى ملاقي ذلك المشتبه برطوبة وأنه لا يتعدى إليه حكم ما لاقاه فهو أحد القولين في المسألة وقد تقدم تحقيق القول فيه في مسألة الإناءين.
وجمع من المتأخرين جعلوا المرجع في صدق الحصر وعدمه إلى حصول الحرج والضرر بالاجتناب وعدمه، قال في المعالم: وهذا الكلام ناظر إلى ما يوجد في عبارات كثير من تعليل عدم وجوب الاجتناب في غير المحصور بلزوم المشقة والعسر. وليس بشئ فإن الغرض من هذا التعليل كما يظهر تقريب الحكم لا الاستدلال له إذ لا يعقل الاعتماد في مثل التفرقة والبناء في تأسيس هذا الحكم على نحو هذه القاعدة كما هو