الأمين الاسترآبادي والمحقق السيد نعمة الله الجزائري فإنهما نقلا عن جملة من علماء عصريهما أنهم كانوا لأجل هذه الشبهة يهبون ثيابهم للقصارين أو يبيعونها عليهم ثم يشترونها منهم مستندين إلى ما قدمنا نقله عن المحقق المذكور، ثم ردا ذلك بأن المستفاد من الأخبار أن كل ذي عمل فهو مؤتمن على عمله ما لم يظهر منه خلافه، قال الأمين الاسترآبادي في الفوائد المدنية في عد جملة من أغلاط الفقهاء: ومن جملتها أن جمعا من أرباب التدقيق منهم زعموا أنه إذا علمنا نجاسة ثوب مثلا لا نحكم بطهارته إلا إذا قطعنا بإزالتها أو شهد عندنا شاهدان عدلان لأن اليقين لا ينقض إلا بيقين أو بما جعله الشارع في حكم اليقين وهو شهادة العدلين في الوقائع الجزئية. وأنا أقول: لنا على بطلان دقتهم دليلان:
(الأول) أن اللبيب الذي تتبع أحاديثنا بعين الاعتبار والاختبار يقطع بأنه يستفاد منها أن كل ذي عمل مؤتمن على عمله ما لم يظهر خلافه، وإن شئت أن تعلم كل ما علمنا فانظر إلى الأحاديث الواردة في القصارين والجزارين وحديث تطهير الجارية ثوب سيدها (1) والحديث الصريح في أن الحجام مؤتمن في تطهير موضع الحجامة (2) لكن لا بد من قريحة قويمة وفطنة مستقيمة وإلا لأتعبت نفسك وغيرك فإن كلا ميسر لما خلق له. و (الدليل الثاني) أن هذه المسألة مما يعم به البلوى فلو كان مضيقا كما زعموا لظهر عندنا منه أثر واضح بين، ولم يظهر منهم (عليهم السلام) إلا ما يدل على التوسعة وقد بلغني أن جمعا من فحول علمائهم المتورعين يهبون الثياب النجسة للقصارين ثم يسترجعونها ومن المعلوم عند الفقيه الحاذق أن هذه الحيلة غير نافعة. انتهى كلامه.
أقول: ومن الأخبار التي أشار إليها ما ورد في صحيحة الفضلاء (3) " أنهم سألوا أبا جعفر (عليه السلام) عن شراء اللحم من الأسواق ولا يدرون ما صنع القصابون؟