التمسك بأصالة النجاسة حتى يظهر الرافع حيث أمره (عليه السلام) بإعادة الصلاة لما لم يكن هو الغاسل بنفسه لقوله (عليهم السلام): " أما لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شئ " وهو غلط فإن ظاهر الخبر أن الأمر بإعادة الصلاة إنما هو لبقاء المني لا لكون الجارية قد غسلته وغسلها غير معتبر ولا مطهر حتى لو فرض أنه أزالته عن الثوب ولم يجده فيه كان عليه إعادة الصلاة وغسل الثوب لعدم الاعتداد بغسلها فإنه توهم محض، بل الأمر في الإعادة والغسل إنما ابتنى على وجود المني، وبهذا التقريب يكون الخبر من أدلة المسألة كما ذكره المحدث المذكور فإن مفهوم الخبر أنه لو لم يجد المني لم يأمره (عليه السلام) بإعادة الصلاة، وفيه حينئذ دلالة على الاكتفاء بغسل الجارية كما هو المدعى (فإن قيل) إنه لو كان غسل الجارية معتبرا شرعا وموجبا لطهارة الثوب لم تجب الإعادة وإن وجد المني بعد ذلك لأنه وإن علم بالمني فيه سابقا إلا أنه قد بنى على طهارة الثوب طهارة شرعية موجبة لجواز الصلاة كجاهل النجاسة فلا تتعقبه الإعادة (لأنا نقول) إن غسل الجارية إنما يكون غسلا شرعيا معتدا به لو لم يظهر فساده وأما بعد ظهور فساده فلا مجال للحكم بكونه شرعيا وقوله (عليه السلام): " أما لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شئ " يعني أنك لو غسلت أنت لبالغت في إزالة النجاسة ولم يبق منها أثر فلم يكن عليك إعادة.
ومما يؤيد ما ذكرناه أيضا أن الظاهر من الأخبار أن الناس في الصدر الأول كانوا يدفعون ثيابهم للغسال لأجل غسلها من الأوساخ والنجاسات ويسترجعونها ويلبسونها ويصلون فيها من غير تناكر ولو كان ما ذكروه حقا من أنه لا يتم الحكم بالطهارة إلا بتمليكه إياها لنقل ذلك. وأيضا فمن المعلوم وجود الأطفال في بيوت الأئمة (عليهم السلام) وبيوت أصحابهم ولا ريب في حصول النجاسات أيضا في ثيابهم منهم أو من غيرهم ولو كان ما ذكروه حقا لورد في خبر من الأخبار أو نقله ناقل في عصر من الأعصار وليس فليس.