المراد نفي كون البلل الذي يظهر على المحل ناقضا. انتهى.
و (ثالثها) أن الوضوء الذي ذكره لا يكون إلا بعد البول فلم لا غسل مخرج البول أولا لدفع هذه الحيرة التي شكاها لأنه واجد للماء بزعمه وإزالة البول التي يكفي فيها مثلا ما على الحشفة لا يحتاج إلى كثير ماء حتى ربما يقال إنه لا زيادة فيه على الوضوء، فالواجب حينئذ هو إزالة البول أولا ولا سيما على مذهب الصدوق القائل بابطال الوضوء ووجوب إعادته مع نسيان غسل مخرج البول كما دلت عليه أخباره التي استند إليها.
و (رابعها) أنه لو كانت شكاية السائل إليه إنما هو من حيث خوف انتقاض وضوئه بالبلل الخارج من جهة احتمال كونه بولا لكان الأولى جوابه بالأمر بالاستبراء بعد البول، فإن قضية الاستبراء البناء على طهارة ما يخرج بعده وعدم نقضه للوضوء.
و (خامسها) أنه لو كانت الحكمة في الأمر بوضع الريق على مخرج البول إنما هو عدم انتقاض الطهارة بأن ينسب ذلك البلل الذي يجده إلى الريق ليكون غير ناقض ولا ينسبه إلى الخروج من الذكر فيكون ناقضا فأي فرق في ذلك بين الحكم بتعدي النجاسة من المخرج بعد مسحها وعدم تعديها؟ فإن وجه الحكمة يحصل على كلا التقديرين فلو قلنا بالتعدي ومسح المخرج بريقه لقصد هذه الحكمة وكون الخارج غير ناقض أمكن وإن كان نجسا، وبالجملة فإنه لا منافاة بين حصول هذه الحكمة وبين القول بتعدي النجاسة.
وبذلك يظهر أن الوجه الصحيح في معنى الخبر إنما هو المعنى الأول المشتمل على حكمة ربانية لدفع الوساوس الشيطانية، ويظهر أيضا بطلان ما ذهب إليه ويكون الخبر بناء على ما اخترنا ظاهرا في الرد عليه، وذلك فإنه لو كان الملاقي للمتنجس بعد إزالة العين بالتمسح ونحوه لا ينجس لما حسن أمره بوضع الريق لأن المفروض أن المخرج قد أزيلت عنه عين النجاسة ولم يبق إلا محلها ومحلها لا تتعدى نجاسته كما يدعيه، فأي وجه لهذه الحكمة بوضع الريق؟ وهو (عليه السلام) إنما أمر بوضعه لدفع احتمال تعدي النجاسة