ولو رجع إلى تخصيصها بالنصوص فالذي صرحت به النصوص بأن يتم له تخصيص هذا الخبر به إنما هو السكنجبين ورب التوت والرمان والتفاح والسفرجل والجلاب وهو العسل المطبوخ بماء الورد حتى يتقوم، وحينئذ فما عدا هذه المعدودة الموجودة في النصوص يبقى داخلا في عموم الخبر على زعمه ولا أظنه يلتزمه ويقول به، والتخصيص بالعنبي والتمري تحكم محض مع أنه ارتكاب للتخصيص البعيد الذي قد منع صحته جماعة من الأصوليين، وبالجملة فصدور هذه الكلية عنهم (عليهم السلام) مع خروج أكثر أفراد الموضوع عن الحكم بعيد جدا بل مما يكاد يقطع ببطلانه سيما مع كون الخروج بغير دليل ولا مخصص وبهذا يظهر أنه لا يجوز أن تكون الكلية والعموم في الخبر المذكور باعتبار المعنى اللغوي الذي توهمه.
(الرابع) قوله: " إلا أن يثبت كون العصير حقيقة.. الخ " فإن فيه أنه قد ثبت ذلك على وجه لا يعتريه الاشكال ولا يحوم حوله الاختلال إلا لمن لم يعط التأمل حقه في هذا المجال ولم يسرح بريد النظر كما ينبغي في أخبار الآل عليهم صلوات ذي الجلال كما أوضحناه بأوضح مقال وكشفنا عنه نقاب الاجمال بما لم يسبق إليه سابق من علمائنا الأبدال، وأيده أيضا مضي العلماء عليه سلفا وخلفا فإن أحدا منهم لم يتوهم هذا المعنى الذي تفرد به وذهب إليه، والقائلون بتحريم العصير الزبيبي إنما استندوا إلى صحيحة علي بن جعفر الآتية مع أن صحيحة عبد الله بن سنان المذكورة بمرئى منهم ومنظر وهي بالاستدلال لو كانوا يفهمون من العصير هذا المعنى الذي توهمه أوضح وأظهر، وإنما فهموا منه أنه عبارة عن ماء العنب خاصة فهو اجماع أو كالاجماع منهم (رضوان الله عليهم)، وقد عرفت أيضا مساعدة كلام أهل اللغة لهم باعتبار تخصيصهم لما يتخذ من التمر والزبيب بالنقيع أو النبيذ. وأما ما ذكره من أن عباراتهم طافحة بتسميتهما عصيرا فلا يليق منهم انكاره ففيه أن عبارات أكثرهم خالية من هذا وإن ذكره بعضهم فهو على نوع من مجاز المشاكلة، وأما انكاره فمتعلقه الحكم لا التسمية