ثمة قسم آخر يكون محرما وهو ما غلى ولم يذهب ثلثاه من غير عصير العنب لوصلت إلينا به الأخبار ودلت عليه الآثار وهي كما دريت خالية من ذلك، وروايات نزاع إبليس مع آدم ونوح المصرحة بعلة التحريم بعد الغليان حتى يذهب الثلثان موردهما إنما هو العنب خاصة.
(فإن قيل) إن إبليس قد نازع آدم في النخل أيضا لما رواه في الكافي بسنده عن علي بن أبي حمزة عن إبراهيم عن الصادق (عليه السلام) (1) قال: " إن الله تعالى لما أهبط آدم من الجنة أمره بالحرث والزرع وطرح إليه غرسا من غروس الجنة فأعطاه النخل والعنب والزيتون والرمان فغرسها ليكون لعقبه وذريته وأكل هو من ثمارها، فقال له إبليس لعنه الله يا آدم ما هذا الغرس الذي لم أكن أعرفه في الأرض وقد كنت فيها قبلك؟ فقال ائذن لي آكل منها فأبى آدم أن يطعمه فجاء إبليس عند آخر عمر آدم وقال لحواء أنه قد أجهدني الجوع والعطش فقالت له حواء فما الذي تريد؟ فقال أريد أن تذيقني من هذه الثمار. فقالت حواء أن آدم عهد إلي أن لا أطعمك شيئا من هذا الغرس لأنه من الجنة ولا ينبغي لك أن تأكل منها شيئا؟ فقال لها فاعصري في كفي شيئا منه فأبت عليه فقال ذريني أمصه ولا آكله فأخذت عنقودا من عنب فأعطته فمصه ولم يأكل منه لما كانت حواء قد أكدت عليه فلما ذهب بعضه جذبته حواء من فيه فأوحى الله تعالى إلى آدم أن العنب قد مصه عدوي وعدوك إبليس لعنه الله وقد حرمت عليك من عصيره الخمر ما خالطه نفس إبليس فحرمت الخمر لأن عدو الله إبليس مكر بحواء حتى مص العنب ولو أكله لحرمت الكرمة من أولها إلى آخرها وجميع ثمارها وما يخرج منها، ثم إنه قال لحواء لو أمصصتني شيئا من هذا التمر كما أمصصتني من العنب فأعطته تمرة فمصها وكان العنب والتمر أشد رائحة وأذكى من المسك الأذفر وأحلى من العسل، فلما مصهما عدو الله إبليس ذهبت رائحتهما وانتقصت حلاوتهما، قال أبو عبد الله (عليه