وطرح عليه غرسا من غرس الجنة فأعطاه النخل والعنب والزيتون والرمان فغرسها لعقبه وذريته فأكل هو من ثمارها، فقال إبليس ائذن لي أن آكل منه شيئا فأبى أن يطعمه فجاء عند آخر عمر آدم، وساق الحديث إلى أن قال: ثم إن إبليس بعد وفاة آدم ذهب فبال في أصل الكرم والنخلة فجرى الماء في عودهما ببول عدو الله تعالى فمن ثم يختمر العنب والتمر فحرم الله تعالى على ذرية آدم كل مسكر لأن الماء جرى ببول عدو الله في النخلة والعنب وصار كل مختمر خمرا لأن الماء اختمر في النخلة والكرمة من رائحة بول عدو الله تعالى " فانظر إلى قوله (عليه السلام): " صار كل مختمر خمرا " من دلالته على دوران التسمية مدار حصول الاختمار كما هو الظاهر من كلام أهل اللغة أيضا وهو الذي أراده المحقق في المعتبر ولكن أولئك الفضلاء لم يعطوا التأمل حقه لا في الأخبار ولا في كلام أهل اللغة فوقعوا فيما وقعوا فيه.
(فإن قيل) إن جملة من الأخبار ظاهرة في اطلاق الخمر على المعنى الأخص لعطف المسكر أو النبيذ عليه ونحو ذلك من العبارات الظاهرة بل الصريحة في الاختصاص وعدم صحة الحمل على المعنى الأعم، وربما أشعر بكونه حقيقة في هذا الفرد في عرفهم (عليهم السلام) فيكون حقيقة عرفية خاصة. مثل قوله (عليه السلام) في صحيحة علي ابن مهزيار (1) " إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ يعني المسكر.. " وقوله (عليه السلام) في رواية عمار (2): " لا تصل في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتى تغسله " وقوله (عليه السلام) في رواية يونس (3): " إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ مسكر فاغسله " ونحو ذلك، وعلى هذه الروايات اعتمد في المعالم في الحكم بنجاسة كل مسكر بعد اعتراضه على كلام المحقق (قدس سره) بما قدمنا نقله.
(قلت): الذي يظهر لي من تتبع الأخبار في هذا المقام أن الخمر قبل نزول التحريم إنما كان يطلق عرفا على عصير العنب واطلاقه على المعنى الأعم إنما وقع في كلام