بالنقد خاصة، ونحو ذلك من الأحكام المجراة عليه في الأخبار، ولو كان المراد بالعصير إنما هو المعنى اللغوي وهو كل ما يعصر وهو أمر كلي شامل لأفراد عديدة لا تكاد تحصى كثرة لما اطردت هذه الأحكام ولا كانت كلية في كل مقام، فإن أفراد العصير بهذا المعنى الذي بنوا عليه غير متفقة كما لا يخفى على ذوي الأفهام فإنه ليس كل شئ يعصر فإنه يحرم بمجرد غليه ولا يحرم بيعه بالنسيئة ولا يتغير بتأخيره حتى يصير محرما.
وها نحن نسرد لك جملة من الأخبار الواردة في أبواب البيع زيادة على ما قدمناه من الأخبار الواردة في باب الشراب، ففي صحيحة البزنطي (1) قال: " سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن بيع العصير فيصير خمرا قبل أن يقبض الثمن؟ قال فقال لو باع ثمرته ممن يعلم أنه يجعله حراما لم يكن بذلك بأس وأما إذا كان عصيرا فلا يباع إلا بالنقد " وفي رواية أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) (2) قال: " سألته عن ثمن العصير قبل أن يغلي لمن يبتاعه ليطبخه أو يجعله خمرا؟ قال إذا بعته قبل أن يكون خمرا وهو حلال فلا بأس " وفي رواية يزيد بن خليفة (3) قال: " كره أبو عبد الله (عليه السلام) بيع العصير بتأخير " قال في الوافي بعد ذكر هذا الخبر: لا يؤمن أن يصير خمرا قبل قبض الثمن فيأخذ ثمن الخمر. وصحيحة رفاعة بن موسى (4) قال: " سئل أبو عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر عن بيع العصير ممن يخمره؟ قال حلال ألسنا نبيع تمرنا ممن يجعله شرابا خبيثا؟ " إلى غير ذلك من الأخبار الواردة من هذا القبيل، ولا يخفى على المتأمل فيها أنه إنما أريد بالعصير فيها فرد خاص من المعصورات لا كل ما يعصر كما توهمه من لا تأمل له في الأخبار ولم يعط النظر حقه من التدبر والاعتبار، وأن المراد إنما هو عصير العنب بالخصوص لأن الخمر كما عرفته فيما تقدم حقيقته في ماء العنب المسكر وإن كان قد أطلق شرعا على ما هو أعم منه ومن سائر المسكرات، ومن ذا الذي يدعي أنه كل معتصر يصير خمرا بتأخيره زمانا وأن كل معتصر فإنه يحرم بمجرد غليانه حتى يتم له دعوى