الأخبار قد فسرته بالمعنى الأعم وكذلك وقوعه في كلام الرسول (صلى الله عليه وآله) إنما وقع بالمعنى الأعم كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى وحينئذ فيكون حقيقة شرعية في المعنى الأعم، وإن أرادوا به الحقيقة اللغوية كما يفهم من كلام المحقق المذكور ومن تبعه في ذلك ففيه (أولا) أنه لا يصار إلى الحمل على الحقيقة اللغوية إلا مع تعذر الحمل على الحقيقة الشرعية والعرفية الخاصة كما قرروه في غير موضع. و (ثانيا) أن كلام أهل اللغة أيضا ظاهر في المعنى الأعم كما سيظهر لك في المقام.
فأما ما يدل على كونه حقيقة شرعية في المعنى الأعم من كلام الله عز وجل فقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر.. الآية " (1) روى الثقة الجليل علي بن إبراهيم في تفسير هذه الآية عن أبي الجارود عن الباقر (عليه السلام) (2) في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام.. " أما الخمر فكل مسكر من الشراب إذا أخمر فهو خمر، وما أسكر كثيره فقليله حرام. وذلك أن أبا بكر شرب قبل أن تحرم الخمر فسكر فجعل يقول الشعر ويبكي على قتلى المشركين من أهل بدر فسمع النبي (صلى الله عليه وآله) فقال اللهم امسك على لسانه فأمسك على لسانه فلم يتكلم حتى ذهب عنه السكر فأنزل الله تحريمها بعد ذلك، وإنما كانت الخمر يوم حرمت بالمدينة فضيخ البسر والتمر فلما أنزل الله تعالى تحريمها خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقعد في المسجد ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها فأكفأها كلها وقال هذه كلها خمر وقد حرمها الله تعالى، وكان أكثر شئ أكفئ في ذلك اليوم من الأشربة الفضيخ ولا أعلم أنه أكفئ يومئذ من خمر العنب شئ إلا إناء واحد كان فيه زبيب وتمر جميعا، وأما عصير العنب فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شئ، وحرم الله تعالى الخمر قليلها وكثيرها وبيعها وشراءها والانتفاع بها.. الحديث " وهو كما ترى صريح في المراد عار عن وصمة الشبهة والايراد. ونقل في مجمع البيان عن ابن عباس في تفسير