باب آية النجوى وأنه لم يعمل بها غير أمير المؤمنين (عليه السلام) (1).
كشف الغمة: أورد الثعلبي والواحدي وغيرهما من علماء التفسير أن الأغنياء أكثروا مناجاة النبي (صلى الله عليه وآله)، وغلبوا الفقراء على المجالس عنده، حتى كره رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك واستطالة جلوسهم وكثرة مناجاتهم، فأنزل الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر) *، فأمر بالصدقة أمام المناجاة. وأما أهل العسرة فلم يجدوا، وأما الأغنياء فبخلوا، وخف ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخف ذلك الزحام، وغلبوا على حبه والرغبة في مناجاته حب الحطام، واشتد على أصحابه، فنزلت الآية التي بعدها راشقة لهم بسهام الملام ناسخة بحكمها حيث أحجم من كان دأبه الاقدام.
قال علي (عليه السلام): إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل أحد بها بعدي وهي آية المناجاة، فإنها لما نزلت كان لي دينار فبعته بدراهم وكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت حتى فنيت، فنسخت بقوله: * (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات) * - الآية (2). وتشريح مسائله العشرة (3).
أقول: وصارت دراهمه عشرة سأل عشر مسائل في نجواه.
روى الفخر الرازي في تفسيره: روي عن علي (عليه السلام) أنه قال: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي. كان لي دينار فاشتريت به عشرة دراهم، فكلما ناجيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قدمت بين يدي نجواي درهما. ثم نسخت فلم يعمل بها أحد.
وروي عن ابن جريح والكلبي وعطا، عن ابن عباس أنهم نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا، فلم يناجه أحد إلا علي (عليه السلام) تصدق بدينار، ثم نزلت الرخصة.
قال القاضي: والأكثر في الروايات أنه (عليه السلام) تفرد بالتصدق قبل مناجاته ثم ورد النسخ. إنتهى ما نقلنا عن الفخر ولم أذكر ما ذكره تعصبا ونصبا، فمن أراد راجع إليه وإلى البحار (4).