قصيدته المذهبة. وقال السيد المرتضى في شرح هذه القصيدة: وهذه قصة مشهورة جاءت به الرواية، فإن أبا عبد الله البرقي روى عن شيوخه، عمن خبرهم قال:
خرجنا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) نريد صفين، فمررنا بكربلاء فقال: أتدرون أين هاهنا؟ والله مصارع الحسين وأصحابه.
ثم سرنا يسيرا فانتهينا إلى راهب في صومعة وقد تقطع الناس من العطش، فشكوا ذلك إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وذلك أنه أخذ طريق البر وترك الفرات عيانا، فدنا من الراهب وهتف به، فأشرف من صومعته، فقال: يا راهب، هل قرب قائمك ماء؟ فقال: لا. فسار قليلا، ثم نزل بموضع فيه رمل، فأمر الناس فنزلوا، وأمرهم أن يبحثوا ذلك الرمل. فأصابوا تحته صخرة بيضاء، فاقتلعها أمير المؤمنين (عليه السلام) بيده ودحاها، وإذا تحتها ماء أرق من الزلال وأعذب من كل ماء. فشربوا وارتووا وحملوا منه. ورد الصخرة والرمل كما كان.
قال: فسرنا قليلا وقد علم كل واحد من الناس مكان العين، فقال أمير المؤمنين: بحقي عليكم إلا رجعتم إلى موضع العين فنظرتم هل تقدرون عليها؟ فرجع الناس يقفون الأثر إلى موضع الرمل. فبحثوا ذلك الرمل فلم يصيبوا العين، فقالوا: يا أمير المؤمنين، لا والله ما أصبناها ولا ندري أين هي.
قال: فأقبل الراهب فقال: أشهد يا أمير المؤمنين أن أبي أخبرني عن جدي - وكان من حواري عيسى - أنه قال: إن تحت هذا الرمل عينا من ماء أبيض من الثلج وأعذب من كل ماء عذب، لا يقع عليه إلا نبي أو وصي نبي، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك وصي رسول الله وخليفته والمؤدي عنه، وقد رأيت أن أصحبك في سفرك هذا فيصيبني ما أصابك من خير وشر، فقال له: خيرا، ودعا له بخير.
وقال (عليه السلام): يا راهب، ألزمني وكن قريبا مني ففعل، فلما كان ليلة الهرير والتقى الجمعان واضطرب الناس فيما بينهم، قتل الراهب. فلما أصبح أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لأصحابه: إنهضوا بنا فادفنوا قتلاكم، وأقبل أمير المؤمنين يطلب الراهب حتى