تقدم في " حكم ": تفسير الحكمة في قوله: * (ولقد آتينا لقمان الحكمة) * وأنها معرفة الإمام قال تعالى: * (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) * - الآيات.
تفسير علي بن إبراهيم: عن حماد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عز وجل، فقال: أما والله ما أوتي لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال، ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا في الله، ساكتا، سكيتا، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستغن بالعبر، لم ينم نهارا قط، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدة تستره وعموق نظره وتحفظه في أمره. ولم يضحك من شئ قط مخافة الإثم، ولم يغضب قط، ولم يمازح إنسانا قط، ولم يفرح لشئ إن أتاه من أمر الدنيا، ولا حزن منها على شئ قط، وقد نكح من النساء وولد له من الأولاد الكثيرة، وقدم أكثرهم إفراطا، فما بكى على موت أحد منهم. ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما، ولم يمض عنهما حتى تحاجزا، ولم يسمع قولا قط من أحد استحسنه إلا سأل عن تفسيره وعمن أخذه، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء، وكان يغشي القضاة والملوك والسلاطين، فيرثى للقضاة مما ابتلوا به، ويرحم الملوك والسلاطين لغرتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك.
ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه، ويجاهد به هواه، ويحترز به من الشيطان، وكان يداوي قلبه بالتفكر، ويداري نفسه بالعبر، وكان لا يظعن إلا فيما يعنيه، فبذلك أوتي الحكمة ومنح العصمة.
ثم ذكر (عليه السلام) أن الله تعالى خيره بين أن يكون خليفة الله في أرضه أو يؤتى الحكمة، فاختار الحكمة. فلما أمسى وأخذ مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكمة فغشاه بها من قرنه إلى قدمه وهو نائم، وغطاه بالحكمة غطاء. فاستيقظ وهو أحكم